وهي دعوى مضحكة حقاً ، فهل نسي أنّ السائل ليس له علم بحقيقة التشريع ، وهو بعدُ لم يسمع إلاّ بالأمر الوارد في الآية ، وهو خاص بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقط ، فمن الطبيعي أن يسأل عن مورد الآية فقط ، إلاّ أن الجواب ليس من الضروري أن يكون بحدود السؤال لعدم لزوم استيعابه لحقيقة التشريع بالضرورة.
مضافاً إلى أنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في مقام التفسير للآية ، فليس من المعقول أن يقتصر في تفسيرها على حدود السؤال ويخلّ بالبيان المطلوب ، لذا ليس من الصحيح أن نأخذ ببعض التفسير ونترك البعض بحجّة أنّ السائل لم يسأل عنه.
ومن جهة أُخرى فإنّ هناك روايات جاء السؤال بها صريحاً عن أهل البيت ،كما في رواية كعب بن عجرة ، قال : «سألنا رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فقلنا : يا رسول اللّه كيف الصلاة عليكم أهل البيت ، فإنّ اللّه قد علمنا كيف نسلم» ، وأخرجها الحاكم وعقّب عليها بقوله : «وإنما خرجته ليعلم المستفيد أنّ أهل البيت والآل جميعاً هم» (١) حيث إن السؤال كان عن أهل البيت والجواب جاء بلفظ الآل.
وهذه الدعوى قد ردّها ابن حجر بقوله : ففي رواية عبد اللّه بن عيسى كيف الصلاة عليكم أهل البيت ، فإنّ اللّه علمنا كيف نسلم ، أي : علّمنا اللّه كيف السلام عليك على لسانك وبواسطة بيانك ، وأما إتيانه بصفة الجمع في قوله (عليكم) فقد بيّن مراده بقوله (أهل البيت) لأنه لو اقتصر عليها لاحتمل أن يريد بها التعظيم ، وبها تحصل مطابقة الجواب للسؤال حيث قال : «على محمد
__________________
(١) مستدرك الحاكم ٣ : ١٦٠ / ٤٧١٠ كتاب معرفة الصحابة.