ومن استعمالات ولي في القرآن قوله تعالى : ( وما لكم من دون اللّه من وليّ ولا نصير ) (١) وهنا فسّر الطبري الولي بأنه القائم بالأمر ، قال : ومن ذلك : قيل : فلان وليّ عهد المسلمين ، يعني به القائم بما عهد إليه من أمر المسلمين ، أمّا النصير ، فقد فسّره بمعنى المؤيد والمقوي (٢) ، وهناك آيات أخرى فُسِّرت بهذا المعنى أيضاً.
بعد أن تبين أنّ استعمالات لفظة ولي في اللغة وغيرها بمعنى الأولى والمتصرّف ، نذكر هنا بعض ما اكتنف الآية من قرائن منتزعة من ألفاظها وسياقها وتركيبها الدلالي ، يؤكد ويعضّد القول بأنها بمعنى الأولى والمتصرف ، لا بمعنى النصرة أو الناصر ، كما قيل.
١ ـ لو كانت بمعنى النصرة والمعونة لما حصرت بالثلاثة المشار إليهم ، لأن النصرة عامّة ومطلوبة من الكلّ ، كما في آية ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) (٣).
٢ ـ إن المخاطبين بـ ( إنما وليكم ) هم بين اثنين ؛ إما مؤمن ، وإما غير مؤمن ، فإذا قلنا إن الولاية بمعنى النصرة ، فنصرة ( الذين آمنوا ) لغير المؤمن ممتنعة ، وللمؤمن لا معنى لها ، لأن كلّ المؤمنين يلزمهم النصرة لبعضهم البعض ، فلا يبقى مائز بين الطرفين. وعليه لابدّ من القول بأن الولي بمعنى الأولى
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ١٠٧.
(٢) تفسير الطبري ٢ : ٦٧٦.
(٣) سورة التوبة : ٩ / ٧١.