نقول : إنّ استعمال الجمع وإرادة الواحد كثير في لغة العرب على سبيل التعظيم ، وقد جاء ذلك في القرآن الكريم في آيات كثيرة ، منها قوله تعالى : ( يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة ) (١) قال المفسرون : إن القائل هو عبد اللّه ابن أُبي ، وقوله تعالى : ( يقولون لأن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذل ) (٢) والقائل هو عبد اللّه بن أبي أيضاً ، وقوله تعالى : ( تلقون إليهم بالمودّة ) (٣) المقصود هو طالب بن أبي بلتعة ، وغيرها كثير.
فعليه إذا وردت القرينة الصارفة عن الظاهر يؤخذ بالمعنى المجازي ، وأي قرينة أكبر من تخصيص المورد بصفات لا تحصل إلاّ في فرد فضلاً عن الروايات الكثيرة المعينة لمصداق « الذين آمنوا » في الآية؟
أما في سبب مجيء الآية بصيغة الجمع ، فقد قال الزمخشري : جيء به على لفظ الجمع ، وإن كان السبب فيه رجلاً واحداً ، ليرغّب الناس في مثل فعله ، فينالوا مثل ثوابه ، ولينبّه على أن سجية المؤمنين يجب أن تكون على هذه الغاية من الحرص على البرّ والإحسان وتفقّد الفقراء. (٤)
قالوا : إن آية ( إنما وليكم ) وقعت بين آيات فيها الولاية بمعنى النصرة والمحبّة ، فالقول بأنّ الولاية هنا بمعنى التصرف والإمرة يترتّب عليه وقوع معنى
__________________
(١) سورة المائدة : ٥ / ٥٢.
(٢) سورة المنافقون : ٦٣ / ٨.
(٣) سورة الممتحنة : ٦٠ / ١.
(٤) الكشاف / الزمخشري ١ : ٦٨٢ / تفسير سورة المائدة : ٥ / ٥٥.