مغاير بين معنيين متحدين ، وهذا مخلٌّ ببلاغة وإعجاز القرآن. (١)
أقول : إن الأُمة الإسلامية أجمعت على أن ترتيب الآيات داخل السور توقيفي بأمر رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) ، فقد تجتمع آيتان لكل منها سبب نزول يختلف عن الآخر ووقت نزول يختلف عن الآخر ، ولكن لحكمة ما يأمر رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بوضعهما في مكان واحد ، وإنّك تجد في القرآن هذا الأمر جليّاً ، حيث إن الثابت أن أول سورة نزلت من القرآن تجدها في أواخر القرآن ، وآخر سورة تجدها في وسط القرآن وهكذا الآيات ، وخير شاهد على ذلك الآيات المدنية في السور المكية وبالعكس.
قالوا : إن الخاتم الذي تصدّق به أمير المؤمنين عليهالسلام كان صدقة مستحبة ، والزكاة تطلق على الصدقة الواجبة ، ولم يكن عليّ عليهالسلام يتوفّر على المال الذي يصل إلى نصاب الزكاة ، لذا لا يستقيم المعنى على ما تذهبون إليه. (٣)
نقول : أولاً : القول بأنّها صدقة مستحبّة مجرّد دعوى بدون دليل ، فأمير المؤمنين عليهالسلام له من المال ما يمكن تحقّق الزكاة الواجبة فيه ، فيكفي في ذلك ما يغنمه من الحروب الكثيرة التي شارك بها ، وكذلك ما يحصل عليه من كدّه وعمله ، وأُعطياته للفقراء والمساكين تدلل على ذلك ، وأما ما عليه من الزهد
__________________
(١) تفسير الرازي ١٢ : ٣٨٤ / الحجّة الأُولى ، بتصرف.
(٢) راجع : الاتقان في علوم القرآن / السيوطي ١ : ١٨٩ ـ ١٩٠ / النوع الثامن عشر : في جمعه وترتيبه.
(٣) تفسير الرازي ١٢ : ٣٨٦ / الوجه الأول ، بتصرّف.