وسماعه للسائل واستجابته له لم يخرجه عليهالسلام عن هذا الانقطاع ، لأنه داخل في كبرى العبادة والانقطاع إلى اللّه تعالى ، وهو يعكس شدّة انقطاعه عليهالسلام حيث الاختلاف في موارد العبادة لا يشغله عن الانقطاع ولا يزيله عن التوجّه إلى اللّه تعالى.
أما قولهم : إن الإيماءة للسائل تعتبر من الفعل الكثير ، فانه من الواضح أن الإيماءة ليست من الفعل الكثير ، بل هي حركة واحدة لا تخلّ بالصلاة ، وقد اتفقت كلمة فقهائهم وأئمتهم بأن الفعل غير الموجب لفوات الموالاة في الصلاة لا ينافي صحتها ، سواء كان سهواً أو عمداً.
قالوا : لو كان معنى الآية ما ذهبتم إليه لما غاب عن أمير المؤمنين عليهالسلام أن يذكرها في موارد احتجاجه أمام القوم. (١)
أقول : ليس كلّ ما يعلم به أمير المؤمنين عليهالسلام يحتجّ به بالضرورة ، ورغم ذلك فقد نقلت لنا المصادر أنّه صلوات اللّه عليه احتجّ بها على أبي بكر حين ولي الخلافة ، على ما أخرجه ابن بابويه عن الإمام زين العابدين عليهالسلام أنّ عليّاً عليهالسلام قال لأبي بكر : « فأنشدك باللّه ، ألي الولاية من اللّه بولاية رسول اللّه في آية زكاة الخاتم أم لك؟ قال : بل لك » (٢).
واحتج بها يوم الشورى ، على ما أخرجه الشيخ الطوسي عن أبي ذر قال : قال علي عليهالسلام : « فهل فيكم أحدٌ آتى الزكاة وهو راكع ، فنزلت فيه ( إنّما
__________________
(١) تفسير الرازي ١٢ : ٣٨٥ / الحجّة الخامسة بتصرف.
(٢) غاية المرام : ١٠٨ / ١٦ ـ الطبعة الحجرية.