الأول : أنّ الآية قد أمرت المؤمنين بالطاعة بشكل مطلق وجازم ، ولازم هذا الأمر المطلق أن جميع ما يأمر به المشار لهم بالطاعة لابدّ من تنفيذه. وهذا يدلّ على عدم إمكان أن يأمروا بمعصية ، أو بما يخالف مراد الخالق عزوجلّ ، وإلاّ يلزم التناقض عند أمرهم بالمعصية ، لأنّ اللّه تعالى نهانا عن ارتكاب المعصية ، فلا يمكن أن يأمرنا بارتكابها طاعةً لهم ، لأنّه يؤدي إلى اجتماع الأمر والنهي في مورد واحد وهو محال ، وعليه تثبت عصمة من أمرنا اللّه تعالى بطاعتهم ، فيكون أولو الأمر معصومين قطعاً بنصّ الآية ، وهذا ما أجمعت عليه الإمامية ، أمّا علماء الجمهور فقد قطعوا أيضاً بعصمة أُولي الأمر المشار إليهم في الآية ، وصرّح بذلك الرازي والنيسابوري ومحمد عبده على ما نقله عنه تلميذه محمد رشيد رضا وغيرهم (١) ، لكنّهم اعتبروا المعصوم أهل الحلّ والعقد أو إجماع الأمّة ، أما الإمامية فحصروا مصداق أُولي الأمر بالأئمة الإثني عشر عليهمالسلام لقيام الدليل على عصمتهم بنص آية التطهير على ما بيناه في الفصل الأول.
الثاني : أن الجو العام للآية يكشف عن منزلة خاصّة لأُولي الأمر حيث جعل اللّه تعالى طاعتهم مطلقة كطاعته عزّوجل وطاعة رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولذا لا يصحّ القول بطاعتهم فيما لا يعصون فيه فقط ، لأنّ طاعة من يأمر بمعروف وعدم طاعة من يأمر بمعصية لا تختص بأُولي الأمر ، وإذا كان كذلك فلا تبقى لهم مزيّة حتى يخصّهم اللّه تعالى بتلك المنزلة ويجعل طاعتهم مطلقة كطاعته عزّوجلّ ، كما لا يمكن تصور هذا التعظيم الذي تكشف عنه الآية في حقّ من ارتكب معصية
__________________
(١) راجع : تفسير الرازي ٤ : ١١٢ المسألة الثالثة ، تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان / نظام الدين النيسابوري ٢ : ٤٣٤ ، تفسير المنار / محمد رشيد رضا ٥ : ١٨١ ، دار العرفة ـ بيروت / ١٤١٤ هـ.