اللدنية ، والحكم الشرعية ، وكنوز الحقائق ، وخفايا الدقائق ، فالتمسك به إنما يكون بالعمل بما فيه ، وهو الائتمار بأوامره والانتهاء عن نواهيه ، ولأنّ العترة معدن النزاهة والطهارة وحسن الأخلاق لطيب عنصرهم ، فالتمسك بهم إنما يكون بمحبتهم والاهتداء بهديهم ، والاتصاف بسيرهم ، وفي قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إني تارك فيكم ... الى آخره » إشارة إلى أنهما بمنزلة التوأمين الخليفتين عن رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنه يوصي الأُمة بحسن السيرة معهما وإيثار حقهما على أنفسهم ... إلى أن قال : « فانظروا كيف تخلفوني فيهما » أي تأمّلوا في استخلافي إياكم هل تكونون خَلَف صدق أو خَلَف سوء. (١)
أما حديث السفينة فتشبيهه صلىاللهعليهوآلهوسلم لأهل البيت عليهمالسلام بسفينة نوح ، يعني كما أنّ سفينة نوح كانت السبيل الوحيد الذي ينجي المؤمنين من العذاب ، ويأخذهم إلى برّ الأمان والهدى ، ومن لم يركب فأنه لا يجد غير الغرق في الدنيا وجهنم في الآخرة ، فكذلك أهل البيت عليهمالسلام لا يوجد سبيل غير سبيلهم يمكن اتباعه ينجي من الهلكة والضلال ويوصل إلى الهدى والأمان ، فمن تركهم فمصيره مصير من ترك سفينة نوح.
وفي ذلك يقول ابن حجر : ووجه تشبيههم بالسفينة أن من أحبّهم وعظّمهم شكراً لنعمة مشرّفهم وأخذ بهدي علمائهم ، نجا من ظلمة المخالفات ، ومن تخلّف عن ذلك غرق في بحر كفر النعم ، وهلك في مفاوز الطغيان. (٢)
__________________
(١) سعادة الدارين في شرح حديث الثقلين / عبد العزيز الدهلوي ، ترجمة وتعليق محمود الآلوسي : ٥١٢ منشور في مجلة الحكمة العدد ٢٠ شوال ١٤٢٠ه (بريطانيا ـ ليدز).
(٢) الصواعق المحرقة / ابن حجر ٢ : ٤٤٦ـ٤٤٧.