خطاب إلى غيره ويعودون إليه ، والقرآن من ذلك مملوء ، وكذلك كلام العرب وأشعارهم (١).
ومن أمثلة ما ورد في القرآن الكريم قوله تعالى : ( إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ * يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ ) (٢) فنلاحظ أن الخطاب ابتدأ أولاً بالنساء ، ثم انتقل إلى يوسف عليهالسلام ، ثمّ عاد إلى النساء ولم يختلّ السياق.
الوجه الثاني : تذكير الضمائر حيث كان الخطاب السابق والتالي بضمير (هنّ) المؤنث ، أما آية التطهير فكانت بضمير (هم) المذكر ، وهذا صريح بأن المراد من آية التطهير غير ما أريد بالسابق والتالي من الآيات.
الوجه الثالث : دلالة الآية على طهارة وعصمة المشار لهم ، وهذا الأمر لا يوجد فيهنّ ولم تدَّعيه واحدة منهنّ.
الوجه الرابع : نزلت هذه الآية مستقلّة عن آيات السورة المتعلّقة بالنساء ، وعند مراجعة الروايات التي نقلناها ستجد ذلك واضحاً أنها نزلت في بيت أم سلمة.
الوجه الخامس : عند متابعة السيرة الذاتية لكلّ منهنّ لا تجد واحدة منهنّ ادّعت نزول آية التطهير فيها ، وهي منقبة ليس فوقها منقبة ، ولا يمكن لشخص أن يتناساها أو يغفل عنها مع مسيس الحاجة لها ، خصوصاً لعائشة التي أقحمت نفسها في معترك السياسة ، وخرجت تبغي حرب أمير المؤمنين عليهالسلام.
ومن جملة ما تقدّم تبيّن أن المراد من أهل البيت الذين نزلت فيهم آية
__________________
(١) مجمع البيان / الطبرسي ٨ : ١٥٨ ، مؤسسة الأعلمي ـ بيروت ، ط١ / ١٤١٥ هـ.
(٢) سورة يوسف : ١٢ / ٢٨ ـ ٢٩.