أخلاقنا ، فنزعه اللّه من أيدينا. (١)
وهذا الخلاف له اُصوله وأسبابه ، والتوفّر على أسبابه يفتح لنا الطريق لتشخيص الزيادة ، والتي أطلق عليها بالتالي نفلاً ، فإن الخلاف حول الغنائم له أسباب مرتبطة بحالة التفاوت الكبير بين واقع الحرب في العصر الجاهلي وبين واقعها في العصر الإسلامي ، ولكي نتوفر على حقيقة هذا التفاوت نحتاج إلى وقفة قصيرة عن طبيعة الحرب في العصر الجاهلي ، ضمن نقطتين :
الأولى : إن الدافع والمنطلق لهم في غزواتهم هو الظفر بالمال ، واتخاذ ذلك وسيلة للعيش ، وليس من أجل نشر عقيدة أو مبدأ أو فكر ، وهذا من المسلمات التأريخية التي لا تحتاج إلى توثيق.
الثانية : إن الثابت حسب المصادر التأريخية أنهم يطلقون على ما يظفرون به من العدو لفظة السلب والنهب والحَرَب ، ولكل منها معنى خاص ، فالسلب : هو ما يأخذه الرجل ممن قتله مما يكون عليه من لباس وسلاح ودابّة وغيرها ،والنهب : أخذ المال قهراً ، والحَرَب : هو سلب الناس أموالهم جميعها وكل ما يعيشون به ، ولم يعهد أنهم كانوا يسمون ذلك بالأنفال.
أما عن عائدية ذلك وملكيته ، فالتاريخ ينقل لنا أنه يكون لناهبه وسالبه وحاربه ، ويكون ملكاً صرفاً له لا يشاركه فيه أحد ، إلاّ ما تواطؤوا عليه من إعطاء ربع المظفور به للرئيس وسموه بالمرباع ، كما يحدّثنا التاريخ عن قضية عدي بن حاتم قبل أن يسلم حيث قال له رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنك لتأكل المرباع ، وهو لا يحلّ في دينك » (٢).
__________________
(١) تاريخ الطبري ٢ : ٤٥٨ ، سيرة ابن هشام / ٢ : ٥٦٦.
(٢) لسان العرب / ابن منظور ـ ربع ـ ٨ : ٩٩ ، النهاية / ابن الأثير ـ ربع ـ ٢ : ١٨٨.