منّا. (١)
وعندما وصل الأمر الى هذا الحدّ تدخّل النبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم لفضّه بطريقة تربوية تنسجم مع طبيعة المجتمع الإسلامي آنذاك الذي يعيش طور الإعداد التربوي والفكري ولم تكتمل فيه قوانين السماء بعد ، فهو ينتظر أوامرها في كل واقعة جديدة.
لقد ذكّرهم النبي الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ الإسلام لا يحارب إلاّ بإذن اللّه ورسوله من أجل إعلاء كلمة اللّه في الأرض وتطهيرها من الشرك والوثنية ، هذا هو الهدف الحقيقي من وراء المعارك التي يضطر لها الإسلام ، أمّا ما يتمّ الظفر به من أموال العدو فهو هبةٌ من اللّه تعالى وزيادة ونافلة على الأصل الذي خرجوا من أجله.
وفي إطلاق لفظة النفل ـ بمعنى الزيادة ـ على ما ظفر به المسلمون من عدوهم إشارة رائعة ودرس تربوي بليغ لمعالجة الخلفية الذهنية التي دخل بها المسلمون للمعركة ، والتي ادّت الى وقوع النزاع بينهم حول الأنفال. فكان الأجدر بالمؤمنين أن يتنازعوا ويتسابقوا في مجال التضحية من أجل الدين والتفاني في أداء المهمات الصعبة ، لا أن يتنافسوا من أجل المال.
جُمِعت تلك الأنفال بأمرٍ من المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم ومنع أي شخص من التصرّف بها ، فنزعت نفوسهم إلى السؤال عن مصيرها ومن يتملكها؟ ومن له حقّ التصرف بها؟ وهو قوله تعالى : « ويسألونك عن الأنفال » فأمره المولى عزّوجلّ بأن يقول لهم بأن تلك الأنفال ملكاً للّه ولرسوله لا يشاركهما فيها أحد ،
__________________
(١) سيرة ابن هشام ٢ : ٥٦٦ ، تاريخ الطبري ٢ : ٤٥٧.