وقال الطبري : والصواب من القول عندنا أنّ سهم رسول اللّه مردود في الخمس ، .... لأن اللّه أوجب الخمس لأقوام موصوفين بصفات ، كما أوجب الأربعة أخماس الآخرين ، وقد أجمعوا أن حق الأربعة الأخماس لن يستحقه غيرهم ، فكذلك حق أهل الخمس لن يستحقه غيرهم ، فغير جائز أن يخرج عنهم إلى غيرهم. (١)
أمّا ابن قدامة المقدسي فقد صرّح بمخالفة اجتهاد أبي بكر وعمر في الخمس لنصّ الكتاب. وفاقاً لما ذهب إليه أحمد بن حنبل. وإليك نصّ ما قاله : وما قاله أبو حنيفة فمخالف لظاهر الآية ، فإن اللّه تعالى سمى لرسوله وقرابته شيئاً ، وجعل لهما في الخمس حقاً ، كما سمى الثلاثة الأصناف الباقية ، فمن خالف ذلك فقد خالف نص الكتاب ، وأما حمل أبي بكر وعمر على سهم ذي القربى في سبيل اللّه ،فقد ذكر لأحمد فسكت ، وحرك رأسه ولم يذهب إليه ، ورأى أن قول ابن عبّاس ومن وافقه أولى لموافقته كتاب اللّه وسنّة رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم. (٢)
إلى هنا اتضح كيف تمالأ القوم على إغماط حقّ آل محمد خلافاً لصريح الكتاب والسنّة ، وقد صرّح آل البيت عليهمالسلام بهذا الظلم والمنع لحقوقهم بلوعةٍ وتحسّرٍ في كثير من الأخبار.
منها خطبة الإمام الحسن عليهالسلام يوم بايع معاوية ، إذ قال عليهالسلام : « إنّا لم نزل أهل البيت مخيفين ، مظلومين ، مضطهدين ، منذ قبض رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فاللّه بيننا وبين من ظلمنا حقنا ، ونزل على رقابنا ، وحمل الناس على
__________________
(١) تفسير جامع البيان ١٠ : ١٢.
(٢) المغني / ابن قدامة المقدسي ٦ : ٢٨٤ ، دار الكتب العلمية ـ بيروت ، ط١ / ١٤١٤ هـ.