«تعصي الإله وأنت تُظهر حبّه |
|
هذا محال في الفعال بديعُ |
لو كان حبّك صادقاً لأطعته |
|
إنّ المحبّ لمَن أحبَ مُطيعُ» (١) |
فتحصّل من الجهات الثلاث المتقدمة أنّ مَنْ اُمرنا بمودّتهم يلزمنا اتباعهم والاقتداء بهم ، فلابدّ أن يكون ذلك الإتباع آخذاً بنا إلى كلّ فضيلة وبرّ وهدى ، وهذا شأن رسالة السماء ، فهي لا تدعو إلى أمرٍ إلاّ وفيه هدى ، قال تعالى : ( تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ * هُدىً وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ ) (٢).
ومنه يلزم أن يكون مَنْ أُمِرنا بمودتهم قد حازوا كلّ فضيلةٍ ، وتسنّموا في ذرى الإيمان أعلى درجاته ، وتحلّوا بكل صفةٍ جميلةٍ ، لكي تهفو لهم النفوس وتحبّهم وتتشبّه بهم ، وتتمنى خصالهم ، وتسعى لتحصيلها ، فتكون في سعيها هذا سائرةً في الطريق الصحيح والمنهج القويم ، ولابدّ أن يكونوا أيضاً خالين من كلّ ما ينفّر النفوس منهم قلّ أو كثر عمداً أو سهواً ، حتى لا يوقع الناس في حرج المخالفة ، فانّ من يصدر منه ذلك ينفر منه الإنسان بطبيعته ، فلا يصحّ الأمر بمودته ، لأنّه تكليف بما لا يطاق ، ومنه نقول : إنّ من البعيد أن يأمرنا الباري عزّوجلّ بمودّة من ليسوا كذلك للطفه وحكمته.
ومنه يتّضح أن هؤلاء المشار لهم يمتلكون درجة عالية من العدالة والتقوى ، يصعب تشخيصها من خلال الظاهر ، لذا نحتاج إلى نصّ في تشخيصهم والإشارة لهم.
وإنك إذا رجعت إلى السنّة المطهرة لا تجد ممن تتوفر فيهم المواصفات والخصال المتقدّمة غير العترة الطاهرة عليهمالسلام ، لتواتر ما قيل في فضائلهم ومناقبهم
__________________
(١) أمالي الصدوق : ٥٧٨ / ٧٩٠ ـ المجلس ٧٤ ـ مؤسسة البعثة ـ قم.
(٢) سورة لقمان : ٣١ / ٢ ـ ٣.