المقدّمَةُ
له الحمد جلّ شأنه وصلاته وسلامه على نبيه المصطفى وآله الميامين.
وبعد ...
فقد أولى اللّه تعالى أهل بيت نبيّه عناية خاصة ، وألزم المسلمين لهم حقوقاً خطيرة. ثم جاءت السنّة المطهّرة بما لا مزيد عليه من البيان والتفصيل لمنزلتهم الرفيعة ، وحقوقهم المفروضة على الأُمّة ، كل ذلك ينتهي إلى نتيجة واحدة وهي أن اللّه تعالى قد ميّز هذه الثلّة الطاهرة بفضائل وكمالات لا نظير لها جعلتهم قدوة للعباد وكهفاً للأنام وحجّةً له عزّوجلّ على خلقه ، وقد أعدّوا أنفسهم لذلك ، فكانوا أهلاً لتحمّل الأمانة التي عجز غيرهم عنها حيث لا يطيقها إلاّ من حاز تلك الملكات ، وتسنّم تلك المقامات.
ولتوفير الأرضية الملائمة لأداء تلك الأمانة أوجب اللّه تعالى لهم حقوقاً ألزم الاُمّة بأدائها ، وأوضحها نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم وأكّدها مراراً ، ولكن الاُمور لم تأتِ كما أُريد لها ، فأُبعد أهل بيت رسول اللّه عليهمالسلام بعد غيابه صلىاللهعليهوآلهوسلم وضاعت حقوقهم ، فتمالأ الناس على ذلك ، وجرت سنتهم عليه ، واستحكمت أفكارهم على العمل به حتى صار ديناً لهم ، معتمدين في ذلك على ما وصلهم من تراث لعبت به المصالح والأهواء السياسية ، دون أن يلتفتوا إلى قول الطرف الآخر وأدلته ، معتبرين ذلك من المسلمات التي لا يصحّ النقاش فيها ولا حتى محاولة إثارة التساؤل حول أُصولها ومناشئها ، فأضطرتهم تلك التفسيرات البعيدة عن صريح الآيات إلى تشويه دلالاتها بخلق الشبهات وإثارة الطعون ، فجاءت شبهاتهم وطعونهم سقيمة متهافتة مجانبة للمنطق والوجدان وما تواتر من الأثر الصحيح.