اختلف المفسرون في معنى الرفع المراد في الآية على أقوال منها :
الأول : الرفع المعنوي ، بمعنى تعظيمها وتطهيرها من كل ذكر لا يليق بها ، فتعظم في النفوس ، وتكون موضعاً للاقتداء والهداية.
الثاني : الرفع المادي ، بمعنى بنائها وصيانتها ورعايتها مما يتلفها لتبقى أثراً لروادها ومعمريها ، تحيي ذكراهم في نفوسنا ، لنحتذي بهم سيراً إلى اللّه تعالى.
يقول الرازي : اختلفوا في المراد من قوله : ( أن تُرفَع ) على أقوال ، أحدها : المراد من رفعها بناؤها لقوله : ( بناها * رفع سمكها فسوّاها ) (١) وقوله : ( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت ) (٢) ، وثانيها : ترفع : أي تعظم وتطهر عن الأنجاس وعن اللغو من الأقوال ، عن الزجاج. وثالثها : المراد مجموع الأمرين. (٣)
وردت تفاسير متعددة لبيان معنى البيوت الواردة في الآية ، يحظى تفسيران منها بالقبول لدى المفسرين ، وهما : المساجد ، وبيوت الأنبياء.
والملاحظ على تفسيرها بالمساجد ما يلي :
أولاً : إن الأصل في لفظة بيت أنها وضعت لهذا البيت المتعارف المعدُّ للسكن ، سواء كان للإنسان أم لغيره ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتاً
__________________
(١) سورة النور : ٢٤ / ٢٧.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ١٢٧.
(٣) تفسير الرازي ٨ : ٣٩٦.