غَيْرَ بُيُوتِكُمْ ) (١) ، وقال تعالى : ( وأوحى ربّك إلى النحل أن اتّخذي من الجبال بيوتاً ) (٢) وعليه يكون استعماله في غير هذا المعنى مجازاً يحتاج إلى قرينة ، كقولك (بيت اللّه ) يعني المسجد ، أو قولك (بيت الشِّعْر) من القصيدة ، وكما ترى فبقرينة الإضافة صُرِف معنى البيت إلى غير معناه الأصلي ، والشاهد على ذلك أنك إذا أردت الذهاب إلى المسجد لا تقول : أنا ذاهب إلى البيت ، بل أنا ذاهب إلى بيت اللّه ، أو تنصب قرينة أخرى لفظية كانت أو مقامية.
فلو قلت : إنّ في الآية قرينةً تدلّ على المساجد ، وهي قوله تعالى : ( يذكر فيها اسمه يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال )؟ قلتُ : إنّ هذه القرينة كما تنطبق على المساجد ، فإنها تنطبق على بيوت الأنبياء ، بل هي في بيوت الأنبياء أولى لتجسّد هذه الصفة عندهم على نحو الحقيقة التامّة.
ثانياً : لم ترد لفظة (بيت) في القرآن الكريم بمعنى مسجد ، وعليه ما لم تنصب قرينة على أنّ المراد من البيوت هي المساجد ، لا يصحّ القول به ، ولابدّ من المصير إلى مراد القرآن الثابت بغلبة الاستعمال.
ومما تقدم تحصّل أن المراد من البيوت في هذه الآية هي بيوت الأنبياء ، وبيت علي وفاطمة وبقية العترة الطاهرة صلوات اللّه عليهم أجمعين من أفضلها ، وقد أمرنا اللّه تعالى بترفيعها ، فنسأله عزوجل أن يجعلنا من المطيعين لأوامره والمؤدّين لهذه البيوت حقّها ، إنه سميع الدعاء.
__________________
(١) سورة النور : ٢٤ / ٢٧.
(٢) سورة النحل : ١٦ / ٦٨.