فخلق هذا التوجه الفكري والمنهج التفسيري نظرة مزدوجة عند المسلمين تجاه أهل البيت عليهمالسلام يتجاذبها طرفان متضادّان ؛ فمن طرف تراهم يقرّون بمقامهم السامي الثابت بصريح الكتاب والسنّة ويكنّون لهم المودّة والاحترام ، ومن طرف آخر والتزاماً بمنهج السلف والواقع المفروض تراهم لا يقرّون بحقوقهم التي جعلها اللّه تعالى ورسوله لهم ، بل يعطونها لغيرهم أو يشركون ذلك الغير معهم حتى لا تبقى لهم مزيةً على غيرهم ، وكل ذلك تحت طائلة التأويل والاجتهاد والتقليد الأعمى الذي توارثوه خلفاً عن سلف.
وانطلاقاً من هذا الواقع المرير وأداءً لحق أهل البيت عليهمالسلام حاولنا الوقوف عند بعض تلك الحقوق لإماطة اللثام عن حقيقتها، وفتح الطريق أمام دراستها.
معتمدين في إثبات ذلك ما ورد في كتب الجمهور من أدلّة حاولوا جهدهم تأويلها وليّها عن ظاهرها قسراً لتنسجم ومتبنّياتهم ، دون الخروج عمّا أقرّوه من تلك الحقوق سواء كان تصريحاً أو نتيجةً لما أوردوه من أدلّة ، أقرّوها قولاً ، إلاّ أنهم خالفوها عملاً.
فتوفرنا في بحثنا هذا على حقوقهم المادية ، ومنها الأنفال والخمس ، وحقوقهم السياسية ومنها الولاية والطاعة والاتباع ، وكذلك حقوقهم المعنوية ومنها المودة وترفيع البيوت والصلاة عليهم.
واتبعنا في ذلك ـ نظراً لطبيعة بحثنا القرآنية ـ ذكر الآية المصرحة بذلك الحق وإيراد ما ورد في تفسيرها من أثر صحيح ، وتعضيدها بأقوال علماء الجمهور المصرحة بذلك الحق ، ومن ثمّ دفع جميع ما ورد حول الآية وتفسيرها من شبهات وطعون.
وبعد استجلاء الحق في ذلك ، نكون قد أوقفنا القارى ء العزيز على عِظَمْ الخسارة التي مُني بها المسلمون بحرمانهم أنفسهم من نعمة أداء حقوق أهل بيت نبيهم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، راجين أن تعود هذه الذكرى بالنفع على المؤمنين.