وروي عن مالك وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي أنهم قالوا : الصلاة على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في التشهد جائزة ويستحبونها ، وتاركها مسيء عندهم ، ولا يوجبونها فيه. وقال الشافعي : إذا لم يصلّ المصلي على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في التشهد الآخر بعد التشهد وقبل التسليم أعاد الصلاة (١).
وقال ابن قيم الجوزية : وقد اختلف في وجوبها كلّما ذكر اسمه صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال أبو جعفر الطحاوي ، وأبو عبيد الحليمي : تجب الصلاة عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم كلما ذكر اسمه ، وقال غيرهما : إن ذلك مستحب ، وليس بفرض يأثم تاركه ، ثم اختلفوا ، فقالت فرقة : تجب الصلاة عليه في العمر مرة واحدة ، لأن الأمر مطلق لا يقتضي تكراراً ، والماهية تحصل بمرّة ، وهذا محكي عن أبي حنيفة ، ومالك ، والثوري ، والأوزاعي ، قال عياض وابن عبد البر : وهو قول جمهور الأُمة.
وقالت فرقة : بل تجب في كل صلاة في تشهّدها الأخير كما تقدم ، وهو قول الشافعي وأحمد في آخر الروايتين عنه ، وغيرهما.
وقالت فرقة : الأمر بالصلاة عليه أمر استحباب لا أمر إيجاب ، وهذا قول ابن جرير وطائفة (٢).
والاجمال المتقدم أعطانا صورة عن آراء القوم على نحو العموم ، وهو كافٍ في المقام ، لأننا لسنا بصدد استعراض آرائهم وبيان أدلتها ومناقشتها ، فلسنا بصدد دراسة فقهية مقارنة ، وإنما الذي يعنينا في هذا البحث هو إثبات حق الآل في الصلاة عليهم مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بغض النظر عن قولهم بوجوبها أو استحبابها ، وسواء أوجبوها في التشهد أم لا ، فعلى كل الأحوال نحن نريد أن نقول إن من
__________________
(١) التمهيد / ابن عبد البرّ ٥ : ١١٢ ـ ١١٣.
(٢) جلاء الأفهام : ٢٩٤.