يأمر بالسنّة الصحيحة حيث قصر الصلاة على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقط فأحيا بذلك الصلاة البتراء وأعطاها بعداً سياسياً وشرعياً أخذ أثره في سلوك الناس وفهمهم لحقيقة الصلاة على مديات بعيدة.
ومن المؤشرات التأريخية التي عاصرت الفترة الأموية والتي تدل بوضوح على أن ترك الصلاة التامة نابع من عدم تحملهم لفضائل أهل البيت عليهمالسلام ، موقف عبد اللّه بن الزبير من الصلاة على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث لم يأتِ حتى بالصلاة البتراء معتذراً عن ذلك بعذرٍ أقبح من فعل.
فقد نقل ابن أبي الحديد قال : وروى عمر بن شبة وابن الكلبي والواقدي وغيرهم من رواة السير أنّ ابن الزبير مكث أيام ادعائه الخلافة أربعين جمعة لا يصلي فيها على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقال : لا يمنعني من ذكره إلاّ أن تشمخ رجال بآنافها. وفي رواية محمد بن حبيب وأبي عبيدة معمر بن المثنى : أن له أُهيل سوء ينغضون رؤوسهم عند ذكره (١).
وهكذا استمر الحال خلال الحكم الأموي حتى ترسخ العمل بالصلاة البتراء وشاع بين المسلمين نتيجة لتلك العوامل ، حتى جاء رفع الحضر عن السنة النبوية في زمن عمر بن عبد العزيز فحصل الانفتاح على السنّة والسعي لتحصيلها وتدوينها ، فوجد فقهاء تلك الفترة أن الصلاة المأمور بها هي الصلاة التي تجمع الآل مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بناءً على ما وصلهم من السنّة المتواترة في ذلك فاعتمدوه وأفتوا به ، فعادت الصلاة التامّة وليدة الدليل العلمي ، إلاّ أنها بقيت في حدود الدليل ، فلا تذكر إلاّ في مواضع الاستدلال ، أما خارجه فعلى ما
__________________
(١) شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد ٤ : ٣٦ ـ ٣٧.