بوجوب الحجّ إلى يوم القيامة ، ولا ينافيه لو فرض سدّ الطريق أو منع التقية عن الحج في ألف سنة.
والحاصل أنا نقول : إنّ الله سبحانه جعل لنا إماما بعد إمام إلى يوم القيامة ، بحيث لم يخل زمانا عنه ، ونهى عباده عن الإتيان بما يقتضي غيبته واستتاره ، وأمرنا بصلاة معه كذلك ؛ وحصول الحرمان عن خدمته بعصيان الأمّة وإيجابه تعطيل واجب مشروط به بسوء أعمالنا لا ينافي دوام وجوبه ، ولا أدري ما يقول الموجب في حقّ عدم وجوبها في بلاد التقية ـ التي هي أكثر بلاد الإسلام ـ وأزمنتها.
فإن قيل : لا شكّ أنّ مفاد تلك الأخبار وجوبها في كلّ جمعة وعلى كلّ مسلم ، سواء حضر المعصوم أم لا ، ومقتضى الاشتراط اختصاص الوجوب بحال الحضور ، فعموم الروايات يدفع الاشتراط.
قلنا : هذا اشتباه نشأ من الخلط بين شرط الوجوب وشرط الصحّة ، وكذا بين كون الشيء مخصّصا للعامّ أم لا ، وكونه من أفراد مخصّصة القطعي أم لا.
بيان ذلك : إنّ الشيء إن كان شرطا لوجوب شيء يكون موجبا لتخصيص عمومات وجوبه ومقيّدا لإطلاقاته لا محالة ، بخلاف ما إذا كان شرطا لصحته ، فإنّه لم يقل أحد بأنّ قوله تعالى ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا ) .. مخصّص لقوله سبحانه ( أَقِيمُوا الصَّلاةَ ) نعم لما كان انتفاء شرط الصحة مستلزما لانتفاء المشروط الصحيح ، فبانتفائه ينتفي التمكّن عن الإتيان بالمطلوب ، ووجوبه مخصوص بحال التمكّن قطعا ، فيكون انتفاء الشرط من أفراد عدم التمكن الذي خصّ العامّ به عقلا وشرعا قطعا.
والحاصل : أنّا لا ندعي أزيد من أنّ الائتمام بالمعصوم أو نائبه شرط لصحّة الجمعة ، فإذا لم يتمكن المكلف منه فنقول : إنّ عمومات وجوب الجمعة مخصّصة ـ باعترافك ـ بحال التمكّن من صحيحها قطعا ، ولذا لا يقول بوجوبهها عند فقد إمام عادل أو من يخطب أو العدد اللازم ونحوها ، ونحن أيضا لا ندّعي أزيد من