ولكن يرد على الأول : أنّ قصور السند ـ مع وجود الخبر في الأصول المعتبرة سيما الكتب الأربعة ـ غير ضائر ، ولو سلّم فإنّما هو مع عدم الجابر ، وما مرّ من الشهرة المحكيّة كاف في الجبر.
مع أنّ القصور ممنوع ؛ لكون اثنين منها من الموثّقات ، وواحدة من مراسيل ابن ابي عمير المجمع على تصحيح ما يصحّ عنه ، والمحكوم بكون مراسيله في حكم المسانيد.
هذا ، مع عدم انحصار الدالّ بهذه الثلاث ، بل تدلّ عليه جميع الروايات العشر المذكورة أيضا.
وعلى الثاني : منع الرجحان بما ذكر ؛ لأنّ ما يدلّ على وجوب الزكاة في المال الغائب ـ الذي يقدر على أخذه ـ منحصر بموثّقة زرارة ، وروايتي عمر بن يزيد وعبد العزيز ، المتقدّمة في المسألة المذكورة ، بل في الأولى منها ؛ لقصور شمول الأخيرتين لغير الدين.
والشهرة المفيدة إنّما هي التي كانت في المورد ، وهي مع الأول.
فالظاهر عدم الترجيح من هاتين الجهتين ، ولا من جهة أخرى مقبولة ، ولازمه تعارضهما ورفع اليد عنهما ؛ لبطلان التخيير ـ الذي هو المرجع عند عدم الترجيح ـ بالإجماع ، فتبقى عمومات سقوط الزكاة ـ عن مطلق المال الغائب ، وما ليس في يده ، ولا عنده ـ سالمة عن المعارض.
ومنه يظهر أنّ الترجيح للأول ، فهو الأقوى والمعوّل.
المسألة الخامسة : لا تجب الزكاة حتى يبلغ كل جنس نصابا ، ولو قصر جنس ممّا تجب فيه الزكاة لم يجبر بجنس آخر منه ؛ بالإجماع المحقّق ، والمحكيّ مستفيضا (١).
ويدلّ عليه ـ مع الإجماع ـ الأصل ، وكلّ ما دلّ على نفي الزكاة في كلّ
__________________
(١) كما في المدارك ٥ : ١٢٧ ، والرياض ١ : ٢٧٢.