دار غلّة إذا كانت قاصرة عن الاستنماء بقدر الكفاية ، فإنّ الظاهر المتبادر من الكفاية فيها الكفاية طول السنة ، بل الظاهر أنّ الكفاية المطلقة تستلزم كفاية السنة ؛ إذ ما لا يكفيها ليس بقدر الكفاية ، لاحتياجه في بعض السنة.
هذا ، مع أنّها صريحة في جواز أخذ الزكاة لمن عنده نصاب ، فيبطل بها القول الأول ، فيتعيّن الثاني ؛ لانتفاء الثالث ، كما صرّح به جماعة من الأصحاب ، منهم صاحب التنقيح (١).
ومن ذلك يظهر وجه لصحّة الاستدلال برواية المقنعة المتقدّمة ؛ حيث دلّت على حرمة الزكاة على من عنده قوت سنة ولو كان أقلّ من النصاب ، فيبطل بها القول الأول ، فيتعيّن الثاني.
دليل الأول : رواية عامّية قاصرة دلالة ، واستبعاد ضعيف.
وأمّا ما ورد في موثّقة زرارة : « لا تحلّ لمن كانت عنده أربعون درهما يحول عليها الحول عنده أن يأخذها ، وإن أخذها أخذها حراما » (٢).
وفي رواية العرزمي : « إنّ الصدقة لا تحلّ إلاّ في دين موجع ، أو غرم مفظع ، أو فقر مدقع » (٣).
فلا تنافيان ما ذكرناه ؛ لعدم معلوميّة مرجع الضمير في « أن يأخذها » في الاولى ، وجواز كون الفقر المدقع في الثانية عدم كفاية السنة.
مع أنّ الاولى مخالفة للإجماع القطعي لو كانت في الزكاة ، وموافقة لبعض العامّة ، أو محمولة على عدم احتياجه ، كما يفهم من حولان الحول على دراهمه.
المسألة الثانية : قد عرفت أنّ المعتبر في الفقر هو عدم تملّك قدر
__________________
(١) التنقيح ١ : ٣١٨. اختاره في الرياض ١ : ٢٧٨.
(٢) التهذيب ٤ : ٥١ ـ ١٣١ ، الوسائل ٩ : ٢٤٠ أبواب المستحقين للزكاة ب ١٢ ح ٥.
(٣) الكافي ٤ : ٤٧ ـ ٧ ، الوسائل ٩ : ٢١١ أبواب المستحقين للزكاة ب ١ ح ٦.