المسألة الثالثة : ويشترط في صدق الفقير أيضا : عدم قدرته على تكسّب المؤنة بصنعة أو غيرها ، فلو قدر عليه لم يجز له أخذ الزكاة على الأظهر الأشهر ، بل عن الخلاف والناصريّات : الإجماع عليه (١).
لحسنة زرارة : « إنّ الصدقة لا تحلّ لمحترف ولا لذي مرّة سويّ قوي ، فتنزّهوا عنها » (٢) ، وموثّقة سماعة الثانية (٣) ، ولصدق الغنى وعدم صدق الفقير مع ذلك.
ولا ينافيه قوله في حسنة أبي بصير المتقدّمة : « ولا تحلّ الزكاة لمن كان محترفا وعنده ما تجب فيه الزكاة أن يأخذ الزكاة » (٤) حيث ضمّ مع الاحتراف تملّك النصاب ؛ لعدم دلالتها على الحليّة للمحترف الذي لا يملك النصاب إلاّ بمفهوم الوصف ، وهو ضعيف.
وحكى في الخلاف عن بعض أصحابنا جواز دفع الزكاة إلى المكتسب من غير اشتراط قصور كسبه (٥) ؛ واستدلّ له بصدق عدم تملّك الكفاية من الأموال.
ويجاب عنه : بعدم كفاية ذلك في جواز الأخذ ، بل يشترط عدم الاحتراف أيضا ؛ لما مرّ.
ولو قصرت الحرفة والتكسّب عن تمام مئونة السنة جاز أخذ الزكاة له ، بلا خلاف فيه يعلم ، بل في التذكرة : إنّه موضع وفاق بين العلماء (٦) ؛
__________________
(١) الخلاف ٤ : ٢٣٠ ، الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ٢٠٦.
(٢) الكافي ٣ : ٥٦٠ ـ ٢ ، المقنعة : ٢٤١ ، الوسائل ٩ : ٢٣١ أبواب المستحقين للزكاة ب ٨ ح ٢.
(٣) تقدّمت في ص : ٢٦٣.
(٤) تقدّمت في ص : ٢٦٠.
(٥) الخلاف ٤ : ٢٣٠.
(٦) التذكرة ١ : ٢٣٦.