أقول : يرد على الأول ـ مع عدم حجّية الإجماع المنقول ـ عدم تعيّن إرادته الإجماع على اشتراط هذا المعنى من تماميّة الملك ، فلعلّه أراد أحد المعاني الأخر.
كما أنّ الشهيد أطلق في البيان اشتراط التمكّن من التصرّف ، وحصر المانع منه في الثلاثة المذكورة ، وعدّ خيار البائع ممّا جعله بعضهم مانعا ، وليس بمانع (١).
وعلى الثاني : أنّه لو سلّم عدم تمكّن المالك من جميع التصرّفات أولا فإنّه مختلف فيه ، وقد جوّز نقل المبيع في زمن الخيار بعض متأخّري المتأخّرين ، فمن أين يشترط في وجوب الزكاة التمكّن من هذا النوع من التصرّفات؟ وما الدليل عليه؟ ولا يثبت ممّا سيأتي اشتراط التمكّن من جميع أنحاء التصرّفات.
فإن قلت : إعطاء الزكاة نقل الملك إلى الفقير ، فإذا لم يتمكّن المشتري ـ مثلا ـ من نقل الملك فكيف يجوز له إعطاء الزكاة؟!
قلت : لا نسلّم أنّ إعطاء الزكاة نقل المالك الملك إلى الفقير ، وإنّما هو تعيين لمال الفقير ، والناقل في الزكاة هو الله سبحانه ، فهو بالإعطاء يعيّن ما نقله الله إلى الفقير.
ولذا قال في الذخيرة ـ مع منعه من تصرّف المتّهب في الموهوب قبل القبض ببيع ونحوه ـ : لو رجع الواهب بعد وجوب الزكاة وقبل أدائها ، فالظاهر تقديم حقّ الفقراء ، لتعلّقه بالعين ولا يضمنه المتّهب (٢). انتهى.
فإنّ التعلّق بالعين لم يحصل من جهة المتّهب ، بل من جهة الله سبحانه.
__________________
(١) البيان : ٢٧٨ و ٢٧٩.
(٢) الذخيرة : ٤٢٣.