والحاصل : أنّ كلّ خطاب تكليفيّ مقيّد بحال القدرة ، ولكن معناه : أنّ أداء التكليف موقوف عليها ، لا تعلّق الخطاب به. وتظهر الفائدة فيما بعد حصول القدرة.
نعم ، يعتبر في الضمان التمكّن من الأداء ، كما يأتي بعد ذلك.
المسألة الثانية : لا يشترط في وجوب الزكاة الإسلام ، بل تجب على الكافر كسائر الفروع ، ولكن لا يصحّ أداؤها منه ما دام كافرا.
إلاّ أنّهم قالوا : إنّه لا يضمن بعد إسلامه زكاة حال كفره ، أدّاها أو لم يؤدّها ، تلف النصاب أو كان موجودا. وعلى تقدير الوجود يستأنف الحول من حين الإسلام ، وإن أسلم في أثناء الحول.
ولم أجد دليلا على شيء من ذلك ، ومقتضى استصحاب الوجوب عدم سقوط الزكاة عنه بالإسلام ، أي زكاة ما استجمع الشرائط حال الكفر ، وضمانه التالف كضمان المسلم ، وكذا مقتضى وجوبه حال الكفر وجوب أخذ الإمام أو نائبه زكاة الكافر حال كفره ، ولا دليل على نفي شيء من ذلك.
المسألة الثالثة : الدين لا يمنع وجوب الزكاة ، سواء استوعب الدين النصاب أم لا ، وسواء كان للمديون مال سوى النصاب أم لا ، إجماعا ، كما في المنتهى والتذكرة وشرح المفاتيح (١). وفي المفاتيح : بلا خلاف (٢) ، وفي المدارك : إنّه مقطوع به في كلام الأصحاب (٣).
والظاهر تحقّق الإجماع فيه ، فهو الدليل عليه ، مضافا إلى عموم الأدلّة الدالّة على وجوب الزكاة الخالية عن المخصّص ، وخصوص صحيحة زرارة
__________________
(١) المنتهى ١ : ٥٠٦ ، والتذكرة ١ : ٢٠٢ ، وشرح المفاتيح ( المخطوط ).
(٢) المفاتيح ١ : ١٩٥.
(٣) المدارك ٥ : ١٨٣.