فقد عرفوا باللؤم والجفاء والغلظة والغدر والخيانة ، وعدم الاستجابة أو المساهمة فى أي عمل من اعمال الخير ، وهم فى جاهليتهم واسلامهم سواء لم تصدر منهم بادرة من بوادر الكرم أو ظاهرة من ظواهر الاصلاح والنفع العام يقول فيهم الجاحظ :
« ليس لهم قدم مذكور ولا يوم مشهود فلا سابقة ولا جهاد ، وإذا كان شيء من هذا فانما يكون فيما يضر الناس ».
ولما أسس الهاشميون فى الجاهلية حلف الفضول الذي كان شعاره مناصرة المظلوم حتى يدفعوا عنه ظلامته ، ومنع القوي من ظلم الضعيف ، والقاطن من الاعتداء على الغريب كان الامويون وحدهم قد تخلفوا عن مناصرة هذا الحلف والانتماء إليه لدوافع أهمها ان هذا الحلف يتنافى مع ميولهم التي طبعت على الظلم والاعتداء ، والغرور والحسد للهاشميين.
(٢)
ولما صدع الرسول الاعظم (ص) برسالته الخالدة الداعية الى يقظة الضمير وتحرير العقول ثقل على الامويين هذا المجد الذي اختص بالهاشميين ، وعظم عليهم الأمر فألهبت قلوبهم بالحقد والكراهية ، وقد تحدث الحكم ابن هشام مع قرينه فى الشرك أبي جهل فاعرب له عما يكنه فى قرارة نفسه من البغض العارم للهاشميين وعدم الاستجابة لدعوة الاسلام قائلا :
« تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف أطعموا فاطعمنا ، وحملوا فحملنا حتى إذا تحاذينا على الركب وكنا كفرسي رهان ، قالوا : منا نبي يأتيه الوحي من السماء فمتى ندرك مثل هذا ، واللات لا نؤمن به ولا نصدقه ». وقد اجمعت كلمتهم على مكافحة الدعوة الاسلامية فألّبوا على الرسول (ص) القبائل وقادوا الجيوش لمناجزته ، ولكن الله رد كيدهم فى نحرهم