قلت : إن الايمان ليتمّ وينقص ويزيد؟ قال : نعم ، قلت : كيف ذلك؟ قال : لأنّ الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسّمه عليها وفرّقه فيها ، فليس من جوارحه جارحة إلاّ وقد وكلت من الايمان بغير ما وكلت به اُختها ... الخ » (١).
ويعرب عنه أيضاً ما رواه الصدوق عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قال رسول اللّهصلىاللهعليهوآلهوسلم : ليس الايمان بالتحلّي ، ولا بالتمنّي ، ولكنّ الإيمان ما خلص في القلب ، وصدّقه الأعمال (٢).
والمراد بالتحلّي التزيّن بالأعمال من غير يقين بالقلب ، كما أنّ المراد من التمنّي هو تمنّي النجاة بمحض العقائد من غير عمل.
وفي ما رواه النّعماني في كتاب القرآن عن أمير المؤمنين عليهالسلام شواهد على ذلك التقسيم (٣).
خاتمة المطاف
إنّ البحث في أنّ العمل هل هو داخل في الإيمان أم لا ، وإن كان مهمّاً قابلاً للمعالجة في ضوء الكتاب والسنّة ، كما عالجناه ، إلاّ أنّ للبحث وجهاً آخر لا تقلّ أهميته عن الوجه الأول وهو تحديد موضوع ما نطلبه من الآثار. فإذا دلّ الدليل على أنّ الموضوع لهذا الأثر أو لهذه الآثار هو نفس الاعتقاد الجازم ، أو هو مع العمل ، يجب علينا أن نتّبعه سواء أصدق الإيمان على المجرّد أم لا؟ سواء كان العمل عنصراً مقوّماً أم لا؟
مثلاً; إنّ حقن الدماء وحرمة الأعراض والأموال يترتّب على الإقرار باللسان سواء أكان مذعناً في القلب أم لا ، ما لم تعلم مخالفة اللسان مع الجنان. ولأجل ذلك نرى أنّ كلّ عربيّ وعجميّ وأعرابيّ وقرويّ أقرّ بالشهادتين عند الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم حكم عليه
__________________
١ ـ البحار ج ٦٩ ص ٢٣ ـ ٢٤ لاحظ تمام الرواية وقد شرحها العلامة المجلسي.
٢ ـ البحار ج ٦٩ ص ٧٢ نقلاً عن معاني الاخبار ص ١٨٧.
٣ ـ البحار ج ٦٩ ص ٧٣ ـ ٧٤ نقلاً عن تفسير النعماني.