بحقن دمه واحترام ماله. قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « اُمرت أن أُقاتل النّاس حتّى يقولوا لا إله إلاّ الله ، فإذا قالوها فقد حرم عليّ دماؤهم وأموالهم » (١).
فهذه الآثار لا تتطلّب أزيد من الإقرار باللّسان ما لم تعلم مخالفته للجنان ، سواء أصحّ كونه مؤمناً أم لا.
وأمّا غير هذه من الآثار التي نعبّر عنه بالسعادة الأُخروية فلا شكّ أنّها رهن العمل ، وأنّ مجرّد الاعتقاد والإقرار باللسان لا يسمن ولا يغنى من جوع. وهذا يظهر بالرجوع إلى الكتاب والسنّة. قال سبحانه : ( إِنَّما المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اُولئِكَ هُمُ الصّادِقُونَ ) ( الحجرات / ١٥ ). نرى أنّه ينفي الايمان عن غير العامل. وما هذا إلاّ لأنّ المراد منه ، الإيمان المؤثّر في السعادة الأخرويّة ، وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : « لأنسبنّ الإسلام نسبة لم ينسبها أحد قبلي ، الإسلام هو التسليم ، والتسليم هو اليقين ، واليقين هو التصديق والتصديق هو الإقرار ، والإقرار هو الأداء والأداء هو العمل » (٢).
فالإمام عليهالسلام بصدد بيان الإسلام الناجع في الحياة الاُخروية ، ولأجل ذلك فسّره نهايةً بالعمل. ولكنّ الاسلام الّذي ينسلك به الانسان في عداد المسلمين ، ويحكم له وعليه ظاهراً ما يحكم للسائرين من المسلمين ، تكفي فيه الشهادة باللّفظ ما لم تعلم المخالفة بالقلب ، وعلى ذلك جرت سيرة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه.
فلو أوصلَنا السبر والدقّة إلى تحديد الايمان فهو المطلوب ، وإلاّ فالمهمّ هو النّظر إلى الآثار المطلوبة وتحديد موضوعاتها حسب الأدلة سواء أصدق عليه الايمان أم لا ، سواء أدخل العمل في حقيقته أم لا كما تقدّم. هذا ما ذكرناه هنا عجالة ، وسوف نميط السّتر عن وجه الحقيقة عند البحث عن عقيدة الطائفتين ـ المعتزلة والخوارج ـ في مورد مرتكب الكبيرة ، ونحدّد مفهوم الايمان في ضوء الكتاب والسنّة.
__________________
١ ـ بحار الأنوار : ج ٦٨ ص ٢٤٢.
٢ ـ نهج البلاغة : قسم الحكم ، الرقم ١٢٥.