فإن كان قد أحدث فلا تقرأ مني السّلام فإنّي سمعت رسول اللّهصلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : « ويكون في هذه الأُمّة ، أو في أمّتي ـ الشكّ منه ـ خسف ومسخ وذلك بالمكذّبين بالقدر » (١).
ولا يخفى وجود التعارض الصّريح بين كون القدريّة مجوس الاُمّة ، وكون نافي القدر مجوسها. وتفسير الأوّل بنفاة القدر تفسير بلا دليل ، بل تفسير على خلاف اللّغة والعرف.
و يكفي في ضعف الحديث الثاني أنّه وقع التكذيب وصدر الشك في القدر في العصور الماضية ، ولم يعمّ الخسف والمسخ للمكذّبين والشاكّين فيه.
إنّ السابر في كتب الحديث والتاريخ والملل والنحل يرى العناية التامّة من أصحاب الحديث وغيره لمسألة القدر. وقد كانت تحتلّ في تلك العصور ، المكانة العليا بين المسائل العقيديّة حتّى كان مدار الإيمان والكفر فكان المثبت مؤمناً والنافي كافراً.
هذا مع أنّ الرسول الأعظمصلىاللهعليهوآلهوسلم كان يقبل إسلام آلاف القائلين بالشهادتين من دون أن يسألهم ولو في مورد عن القضاء والقدر ، وأنّه هل يعتقد القائل ، بأنّ الله سبحانه يقدّر أفعال الإنسان وأعماله ، فيحكم عليه بالإسلام أو لا ، فيحكم عليه بالكفر.
إذن فما معنى هذه العناية الحادثة بعد رحلة الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم بهذه المسألة؟
أليس هذا يدفع الإنسان إلى القول بأنّها كانت مسألة مستوردة ، زرعها الأحبار والرّهبان ، وغذّتها السلطة الأموية و ... وبالتالي شقّ بها عصا المسلمين وصاروا يكفّر بعضهم بعضاً.
هذا وإنّ الشيخ البخاري يروي عن رسول اللّهصلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : « بني الإسلام على خمس ، شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزّكاة والحجّ وصوم رمضان » (٢).
__________________
١ ـ جامع الاُصول : ج ١٠ ص ٥٢٦ ـ ٥٢٧.
٢ ـ صحيح البخاري : ج ١ ص ٧ من كتاب الايمان.