« ولكن عامّة الفقهاء والمحدّثين تركوا الرّواية عنه كما تركوا مذهبه ، وكثرت المعارضة ، وقلّ التأييد ، ولم يكن لمذهبه سلطان إلاّ في بلاد الشرق ( نيسابور وضواحيها ) في القرنين الثالث والرابع. ونقل عن صاحب « أحسن التقاسيم » أنّه كان رابع مذهب في القرن الرابع في الشرق ، وكان الثّلاثة الّتي هو رابعها : مذهب الشافعي ، ومذهب أبي حنيفة ، ومالك ، فكأنّه كان في الشرق أكثر انتشاراً أو تابعاً من مذهب أحمد إمام السنّة في القرن الرابع الهجري ، ولكن في القرن الخامس جاء أبو يعلى وجعل المذهب الحنبلي مكانه ، وبذلك زحزح المذهب الظاهري وحلّ محلّه » (١).
قد عرفت أنّ أبا يعلى الحنبلي ( م ٤٥٨ ) قد زحزح المذهب الظاهري ، وأحلّ محلّه مذهب إمامه أحمد في أواسط القرن الخامس وبذلك خبا ضوءه وانحسر عن المدارس الفقهيّة ، ولم يبق له وجود إلاّ في ثنايا الكتب ، لولا أنّ عليّ بن أحمد بن حزم الأندلسي أعاد ذكره بلسانه وقلمه ، وألّف حول ذلك المذهب كتباً ورسائل وانتقل المذهب الظاهري من الشرق إلى الغرب ، ودخل الأندلس وقد حمل العبء وحده وخدم المذهب الظاهري بتأليفه :
١ ـ الاحكام في اُصول الأحكام : بيّن فيه اُصول المذهب الظاهري.
٢ ـ النبذ : وهو خلاصة ذلك الكتاب.
٣ ـ المحلّى : وهو كتاب كبير انتشر في عشرة أجزاء ، جمع أحاديث الأحكام وفقه علماء الأمصار. طبع في بيروت ، بتحقيق أحمد محمّد شاكر.
نزر من آرائه الشاذّة
١ ـ أفتى ببطلان الاجتهاد في استخراج الأحكام الفقهيّة مستدلاً بقوله سبحانه :
__________________
١. تاريخ المذاهب الاسلاميّة : ج ٢ ص ٣٥١ نقلاً عن مقدمة « النبذ » للشيخ الكوثري.