كتابة عقائدهم وتحليل اُصولهم إلى الاعتماد على كتب الأشاعرة في مجال علم الكلام والملل والنحل ، ومن الواضح جدّاً أنّ كثيراً من الخصوم ليسوا بمنصفين وموضوعيين وقد نسبوا إليهم ما لا يوافق الاُصول الموثوق بها (١).
إنّ الدّراسة الموضوعيّة الهادفة تكلّف الباحث الرجوع إلى الكتب المؤلفة بيد أعلام المذاهب وخبرائه المعروفين بالحذق والوثاقة ، والاعتماد على كتب الخصوم خارج عن أدب الجدل ورسم التحقيق.
بيد أنّنا نرى كثيراً من الكتّاب المعاصرين يعتمدون في تحليل عقائد الطّوائف الإسلاميّة على « مقالات الإسلاميّين » للشيخ الأشعري و « الفرق بين الفرق » لعبد القادر البغدادي و « الملل والنحل » للشهرستاني ، وهؤلاء كلّهم من أعلام الأشاعرة ويرجع إليهم في الوقوف على التفكير الأشعري ، وأمّا في غيره فلا يكون قولهم ونقلهم حجّة في حقّهم ، إلاّ إذا طابق الأصل ، فإنّ الكاتب مهما يكون أميناً ـ إذا كان في موقف الجدال والنِّقاش وحاول إثبات مقاله وتدمير مقالة الخصم ـ لا يصحّ الرُّكون إلى نقله ، إلاّ إذا أتى بنصّ عبارة الخصم بلا تصرّف ولا تبديل. ومن المعلوم أنّ الكتب المؤلّفة في العصور الماضية لا تسير على هذا المنهاج ، كما هو واضح لمن سبر.
إنّ من الظّلم البارز الاعتماد في تحليل عقائد الطّوائف الإسلاميّة على كتب ابن حزم الأندلسي ( المتوفّى عام ٤٥٦ هـ ) وابن خلدون المغربي ( المتوفّى عام ٨٠٨ هـ ) وغيرهما خصوصاً فيما كتبوه حول الشّيعة لبعدهم عن البيئة الشيعيّة ومؤلّفاتهم ، ولذلك ترى فيها الخبط والخطاء ... وهذا مبلغ علم الشهرستاني واطّلاعه عنهم حيث يذكر الأئمّة الاثني عشر ويقول : إنّ عليّ بن محمّد النقي مشهده بقم (٢) ويكفيك فيما ذكرناه ما قاله أحد معاصريه ( أبو محمّد الخوارزمي ) قال بعد ذكر مشايخه في الفقه
__________________
١ ـ مثلاً نسب إليهم أنّهم لا يقولون بعذاب القبر مع أنّ القاضي في شرح الاُصول الخمسة ص ٧٣٢ يقول : إنّ المعتزلة تقول بعذاب القبر ولا تنكره قال : وأمّا فائدة عذاب القبر وكونه مصلحة للمكلّفين فإنّهم متى علموا أنّهم إن أقدموا على المقبحات وأخلوا بالواجبات عذِّبوا في القبر ... وسيأتي البحث عنه في محلّه.
٢ ـ الملل والنحل : ج ١ ص ١٦٩.