جميع العبادات (١)
هذا على قول المعتزلة. وأمّا على قول نفاة الإحباط فالمطيع والعاصي يستحق الثواب والعقاب معاً فيعاقب مدّة ثم يخرج من النار فيثاب بالجنّة.
نعم ، ثبت الإحباط في موارد نادرة ، كالإرتداد بعد الإسلام ، والشرك المقارن للعمل ، والصدّ عن سبيل الله ، ومجادلة الرسول ومشاقته ، وقتل الأنبياء ، وقتل الآمرين بالقسط ، وإساءة الأدب مع النبي ، والنفاق ، وغير ذلك ممّا شرحناه في الإلهيات (٢).
اتّفقت الإماميّة على أنّ الوعيد بالخلود في النار متوجّه إلى الكفّار خاصّة دون مرتكبي الذنوب من أهل المعرفة بالله تعالى والإقرار بفرائضه من أهل الصلات ، ووافقهم على هذا القول كافة المرجئة سوى محمد بن شبيب وأصحاب الحديث قاطبة ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك ، وزعموا أنّ الوعيد بالخلود في النار عامّ في الكفار وجميع فساد أهل الصلاة.
ويظهر من العلاّمة الحلي أنّ الخلود ليس هو مذهب جميع المعتزلة حيث قال : أجمع المسلمون كافة على أنّ عذاب الكافر مؤبّد لاينقطع ، وأمّا أصحاب الكبائر من المسلمين ، فالوعيدية على أنّه كذلك. وذهبت الإماميّة وطائفة كثيرة من المعتزلة والأشاعره إلى أنّ عذاب منقطع (٣).
والظاهر من القاضي عبد الجبار هو الخلود ، واستدل بقوله سبحانه : ( ومَنْ يَعْصِ اللهَ ورسُولَهُ ويَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا ) ( النساء / ١٤ ). فالله تعالى
__________________
١ ـ التفتازاني : شرح المقاصد ٢ : ٢٣٢، القاضي عبدالجبار : شرح الاُصول الخمسة : ٦٢٥.
٢ ـ حسن مكي العاملي : الإلهيات ١ : ٨٧٠ ـ ٨٧٤.
٣ ـ العلامة الحلي : كشف المراد : ٢٦٥.