« أنا أودّ فلانا على غدره ( و ) وأصله على هجره » (١).
وقد أوضحنا الحال في دلالة الآية وأجبنا عن إشكال القاضي على دلالتها في الإلهيات (٢).
لما ذهبت المعتزلة إلى خلود مرتكب الكبيرة في النار ، وإلى لزوم العمل بالوعيد ، ورأت أنّ آيات الشفاعة الفسّاق الّذين ماتوا على الفسوق ولم يتوبوا تتنزّل منزلة الشفاعة لمن قتل ولد الغير وترصّد للآخر حتى يقتله ، فكما أنّ ذلك يقبح فكذلك هاهنا (٣).
فالشفاعة عندهم عبارة عن ترفيع الدرجة ، فخصوها بالتائبين من المؤمنين وصار أثرها عندهم ترفيع المقام لا الإنقاذ من العذاب أو الخروج منه ، قال القاضي : إنّ فائدة الشفاعة رفع مرتبة الشفيع والدلالة على منزلة من المشفوع (٤).
وأمّا عند الشيعة الإماميّة فهو عبارة عن إسقاط العذاب ، قال الشيخ المفيد : اتفقت الإماميّة على أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يشفع يوم القيامة لجماعة من مرتكبي الكبائر من اُمته ، وأنّ أمير المؤمنين عليهالسلام يشفع في أصحاب الذنوب من شيعته وأنّ أئمة آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم يشفعون كذلك وينجي الله بشفاعنهم كثيراً من الخاطئين ، ووافقهم على شفاعة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم المرجئة سوى ابن شبيب وجماعة من أصحاب الحديث ، وأجمعت المعتزلة على خلاف وزعمت أنّ شفاعة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم للمطيعين دون العاصين
__________________
١ ـ الطبرسي ٣ : ٢٨٧.
٢ ـ حسن مكي العاملي : الإلهيات ١ : ٩١٠.
٣ ـ القاضي عبدالجبار : شرح الاُصول الخمسة : ٦٨٨.
٤ ـ القاضي عبدالجبار : شرح الاُصول الخمسة : ٦٨٩.