اتفق عليه المسلمون ، ورد به النص في القرآن والنسنة.
هذه هي حقيقة البداء في عالم الثبوت ، وله أثر في عالم الإثبات وهو أنّه
ربّما يقف النبي على مقتضي المصير ولايقف على مايغيره ، فيخير به على حسب العلم بالمقتضى ولكن لا يتحقّق لأجلّ تحقّق ما يغيّره ، فيقال هنا : بدا لله والمقصود بداء من الله للعباد كما هو الحال في إخبار يونس عن تعذيب القوم وغير ذلك ، وقد وردت جملة « بدا لله » في صحيح البخاري (١).
قال الشيخ المفيد : أقول في معنى البداء ما يقوله المسلمون بأجمعهم في النسخ وأمثاله من الإفقار بعد الإغناء ، والأمراض بعد الإعفاء وما يذهب إليه أهل العدل خاصّة من الزيادة في الآجال والأرزاق والنقصان منها بالأعمال وأمّا إطلاق لفظ البداء ، فإنّما صرت إليه لأجلّ السمع الوارد عن الوسائط بين العباد وبين الله ـ عزّ وجلّ ـ وليس بيني وبين كافة المسلمين في هذا الباب خلاف ، وإنّما خالف من خالفهم في اللفظ دون ما سواه (٢).
وهذا يعرب عن أنّ القوم لم يقفوا على مصطلح الإماميّة في البداء وإلاّ لأصفقوا على جوازه.
اتفق المفكرون من الفلاسفة والمتكلمين على أنه لاواسطة بين الوجود والعدم كما لا واسطة بين الموجود والعدم ، وإنّ الماهيات قبل اتصفاها بالوجود معدومات حقيقة ، غير أنّ المعتزلة ذهبت إلى انها في حال العدم غير موجود ولا معدوم ، بل متوسط بينهما وهذا هو العروف منهم بالقول بألأحوال .
قال الشيخ المفيد : المعدوم هو المنفي العين ، الخارج عن صفحة الموجود ، ولا
__________________
١ ـ البخاري : الصحيح ٤ / ١٧٢ باب حديث « أبرص وأعمى وأاقرع في بني إسرائيل ».
٢ ـ المفيد : أوائل المقالات ، ص ٥٣.