أبو الهذيل محمّد بن الهذيل العبدي ـ نسبة إلى عبدالقيس ـ وكان مولاهم وكان يلقّب بالعلاّف ، لأنّ داره في البصرة كانت في العلاّفين (١).
قال ابن النّديم : « : كان شيخ البصريّين في الاعتزال ومن أكبر علمائهم وهو صاحب المقالات في مذهبهم ومجالس ومناظرات.
نقل ابن المرتضى عن صاحب المصابيح أنّه كان نسيج وحده وعالم دهره ولم يتقدّمه أحد من الموافقين ولا من المخالفين. كان إبراهيم النظّام من أصحابه ، ثمّ انقطع عنه مدّة ونظر في شيء من كتب الفلاسفة ، فلمّا ورد البصرة كان يرى أنّه قد أورد من لطيف الكلام ما لم يسبق إلى أبي الهذيل. قال إبراهيم : فناظرت أبا الهذيل في ذلك فخيّل إليّ أنّه لم يكن متشاغلاً إلاّ به لتصرّفه فيه وحذقه في المناظرة فيه (٢).
قال القاضي : « ومناظراته مع المجوس والثنويّة وغيرهم طويلة ممدودة وكان يقطع الخصم بأقلّ كلام. يقال إنّه أسلم على يده زيادة على ٣٠٠٠ رجل ».
قال المبِّرد : « ما رأيت أفصح من أبي الهذيل والجاحظ، وكان أبو الهذيل أحسن مناظرة. شهدته في مجلس وقد استشهد في جملة كلامه بثلاثمائة بيت ... وفي مجلس المأمون استشهد في عرض كلامه بسبعمائة بيت » (٣).
وما ناظر به المخالفين دليل على نبوغه المبكر وتضلّعه في هذا الفن ، فلنذكر بعضه :
١ ـ مات ابن لصالح بن عبد القدّوس الّذي يرمى بالزندقة ، فجزع عليه ، فقال له أبو الهذيل : « لا أعرف لجزعك عليه وجهاً ، إذ كان الناس عندك كالزّرع فقال صالح :
__________________
١ ـ أمالي المرتضى : ج ١، ص ١٧٨، وفيات الأعيان : ج ٤، ص ٢٦٥ ـ ٢٦٧ رقم الترجمة ٦٠٦ وقد قيل في تاريخ وفاته غير هذا نقله المرتضى في أماليه.
٢ ـ فهرست ابن النديم : ص ٢٢٥ ـ ٢٢٦.
٣ ـ المنية والأمل : ص ٢٦ ـ ٢٧.