أنّ كتب الرجل قد ضاعت وعبث بها الزمان فلا يصحّ في منطق العقل الجزم بذلك إلاّ إذا تواتر النّقل وهو مفقود.
وأمّا النسبة الثانية فقد غفل عن مغزاها الخطيب فتصوّره أمراً شنيعاً مع أنّ أبا الهذيل يقصد بذلك الوصول إلى قمّة التوحيد ، وهو نفي كون صفاته سبحانه زائدة على ذاته. لأنّ القول بالزيادة يستلزم التركيب ( تركيب ذاته مع صفاته السبع الكماليّة ) وقد أوضحناه في الجزء الثاني من كتابنا فراجع (١).
والّذي يندي الجبين أن يقذف الشيخ بأمر شنيع. نقل الخطيب عن أبي حذيفة : كان أبو الهذيل يشرب عند ابن لعثمان بن عبدالوهاب ، قال : فراود غلاماً في الكنيف ... إلى آخر ما ذكره في الوقيعة به الّتي يجب أن يحدّ القاذف ويبرء المرمىّ بها ، ولكنّ الطائفيّة البغيضة دفعت الخطيب إلى نقل القصّة بلا اكتراث.
( إنّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الفَاحِشَةَ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَليمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ).
إبراهيم بن سيّار بن هانئ النظّام
النظّام : هو الشخصيّة الثالثة للمعتزلة ومن متخرّجي مدرسة البصرة للاعتزال.
قال ابن النديم : يكنّى أبا إسحاق ، كان متكلّماً شاعراً أديباً وكان يتعنّف أبا نؤاس وله فيه عدّة مقطّعات وإيّاه عنى أبو نؤاس بقوله :
فقل لمن يدّعي في العلم فلسفة |
|
حفظت شيئاً وغابت عنك أشياء |
لا تحظر العفو إن كنت امرءاً حرجاً |
|
فانّ حظركه بالدين إزراء (٣) |
__________________
١ ـ ص ٧٨ ـ ٧٩ وسيوافيك بيانه في الفصل المختص ببيان الاُصول الخمسة للمعتزلة.
٢ ـ في ميلاده ووفاته أقوال اُخر وما ذكرناه هو المؤيد بالقرائن.
٣. فهرست ابن النديم : الفن الأوّل من المقالة الخامسة ص ٢٠٥ ـ ٢٠٦.