يلاحظ عليه : أنّ القائل ببطلان تركّب الجسم من أجزاء لا يتجزّا ، وأنّ كلّ جزء مفروض ينقسم إلى ما لا نهاية له ، لا يعنى به انقسام كلِّ جزء إلى ما لا نهاية له بالفعل ، بحيث يكون في كلِّ ذرة أجزاء فعليّة مترتبة متسلسلة ، بل المراد هو الانقسام بالقوّة ، بمعنى أنّ الانقسام لا ينتهي إلى جزء لا يمكن تقسيمه عقلاً ، لأنّ ما نفرضه جزءاً غير متجزّئ، شرقه غير غربه ، فيكون منقسماً بهذا الشّكل إلى ما لا نهاية له ، وإن كان ينتهي إلى جزء لا يمكن تقسيمه حسّاً لأجل ضعف أدوات التّقسيم ، ولكن هذا لا يصدّ التقسيم العقلي ولا يمنع منه.
وهذا واضح لمن أمعن النّظر في أدلّة القائلين ببطلان الجزء الّذي لا يتجزّأ. فالبغدادي خلط بين مسألة أجزاء غير متناهية بالفعل ومسألة أجزاء غير متناهية بالقوّة ، وما فرضه إشكالاً ـ على فرض صحّته في نفسه ـ إنّما يترتّب على الأوّل دون الثّاني ، لأنّ العالم على الفرض الثّاني يكون متناهياً بالفعل ، ويكون سبحانه محيطاً بأجزاء العالم ، عالماً به ، وإن كان غير متناه بالقوّة ، لكن مناط العلم هو الأوّل لا الثّاني.
و ثانياً : نفرض أنّ العالم له أجزاء غير متناهية ، ولكنّه سبحانه أيضاً موجود غير متناه ، على ما برهن عليه في محلّه ، فلا يشذّ عن حيطة وجوده شيء ، نعم من خصّ وجوده سبحانه بالعرش فوق السّماوات لا محيص له عن توصيفه بالتّناهي والله سبحانه منزّه عن التّناهي وأحكام الممكنات.
٢ ـ قوله بأنّ الإنسان هو الروح وهو جسم لطيف تداخل بهذا الجسم ، ثمّ رتّب عليه على زعمه إشكالات : منها; أنّ الإنسان على هذا لا يرى على الحقيقة وإنّما يرى الجسد الّذي فيه الإنسان.
ومنها; أنّه يوجب أنّ الصّحابة ما رأوا رسول الله وإنّما رأوا قالباً فيه الرّسول ، إلى غير ذلك من الاشكالات الواهية.
أقول : لايظهر من القرآن كون الروح هو الجسم اللّطيف المتداخل في البدن ، ولكنّه يظهر منه كون حقيقة الإنسان هي روحه ، وأنّ واقعيَّته وشخصيّته بروحه لا