وثلاثمائة ». قال أبو الحسن : ومات أبو هاشم في رجب سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة ببغداد وتولّيت دفنه في مقابر باب البستان من الجانب الشرقي ، وقد توفّي في اليوم الّذي توفّي أبو بكر بن دريد. وعن الحسن بن سهل القاضي : بينا نحن ندفن أبا هاشم إذ حملت جنازة اُخرى ومعها جُميعَة عرفتهم بالأدب. فقلت لهم : جنازة من هذه؟ فقالوا : جنازة أبي بكر ابن دريد ، فذكرت حديث الرشيد لمّا دفن محمّد بن الحسن والكسائي بالري في يوم واحد. قال : وكان هذا في سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة ، فأخبرت أصحابنا بالخبر ، وبكينا على الكلام والعربيّة طويلاً ثم افترقنا.
وعلّق عليه الخطيب : « الصّحيح أنّ أبا هاشم مات في ليلة السبت الثالث والعشرين من رجب سنة إحدى وعشرين ، قال : وكان عمره ستّاً وأربعين سنة وثمانية أشهر وإحدى وعشرين يوماً » (١).
وقال القاضي نقلاً عن أبي الحسن بن فرزويه أنّه بلغ من العلم ما لم يبلغه رؤساء علم الكلام. وذكر أنّه كان من حرصه يسأل أبا عليّ ( والده ) حتّى يتأذّى منه ، فسمعت أبا عليّ في بعض الأوقات يسير معه لحاجة وهو يقول لا تؤذنا ويزيد فوق هذا الكلام.
وكان يسأله طول نهاره ما قدر على ذلك ، فاذا جاء اللّيل سبق إلى موضع مبيته لئلاّ يغلق أبو عليّ دونه الباب ، فيستلقي أبو عليّ على سريره ، ويقف أبو هاشم بين يديه قائماً يسأله حتّى يضجره ، فيحوّل وجهه عنه ، فيتحوّل إلى وجهه ، ولا يزال كذلك حتّى ينام ، وربّما سبق أبو عليّ فأغلق الباب دونه. قال : ومن هذا حرصه على ما اختصّ به من الذكاء ، لم يتعجّب من تقدّمه (٢).
كان أبو هاشم أحسن الناس أخلاقاً وأطلقهم وجهاً ، واستنكر بعض الناس خلافه مع أبيه ( في المسائل الكلاميّة ) وليس خلاف التابع للمتبوع في دقيق الفروع بمستنكر ، فقد خالف أصحاب أبي حنيفة إياه. وقال أبو الحسن بن فرزويه في ذلك
____________
١ ـ تاريخ بغداد : ج ١١، ص ٥٦.
٢ ـ طبقات المعتزلة للقاضي : ص ٣٠٤.