يكنّى أبا عمرو وكان عالماً عدلاً وتفرّد بمذاهب وكان بشر بن المعتمر وهشام بن عمرو وأبو الحسين المدائني من تلامذته.
قال القاضي عبدالجبّار : « لمّا منع الرّشيد من الجدال في الدين وحبس أهل علم الكلام ، كتب إليه ملك السند : إنّك رئيس قوم لا ينصفون ويقلِّدون الرجال ويغلبون بالسيف ، فإن كنت على ثقة من دينك فوجّه إليّ من اُناظره ، فإن كان الحقّ معك تبعناك ، وإن كان معي تبعتني. فوجّه إليه قاضياً ، وكان عند الملك رجل من السمنية وهو الّذي حمله على هذه المكاتبة ، فلمّا وصل القاضي إليه أكرمه ورفع مجلسه ، فسأله السمني فقال : أخبرني عن معبودك هل هو القادر؟ قال : نعم ، قال : أفهو قادر على أن يخلق مثله؟ فقال القاضي : هذه المسألة من علم الكلام وهو بدعة ، وأصحابنا ينكرونه.
فقعال السمني : من أصحابك؟ فقال : فلان وفلان وعدّ جماعة من الفقهاء ، فقال السمني للملك : قد كنت أعلمتك دينهم وأخبرتك بجهلهم وتقليدهم وغلبتهم بالسيف ، قال : فأمر ذلك الملك القاضي بالانصراف ، وكتب معه إلى الرشيد : إنّي كنت بدأتك بالكتاب وأنا على غير يقين ممّا حكي لي عنكم ، فالآن قد تيقّنت ذلك بحضور هذا القاضي ـ وحكى له في الكتاب ما جرى.
فلمّا ورد الكتاب على الرّشيد قامت قيامته ، وضاق صدره ، وقال : أليس لهذا الدين من يناضل عنه؟ قالوا : بلى يا أمير المؤمنين ، هم الّذين نهيتهم عن الجدال في الدين وجماعة منهم في الحبس. فقال : أحضروهم ، فلمّا حضروا قال : ما تقولون في هذه المسألة؟ فقال صبي من بينهم : هذا السؤال محال ، لأنّ المخلوق لا يكون إلاّ محدثاً ، والمحدث لا يكون مثل القديم ، فقد استحال أن يقال : يقدر على أن يخلق مثله أو لا يقدر ، كما استحال أن يقال : يقدر أن يكون عاجزاً أو جاهلاً ، فقال الرشيد : وجّهوا بهذا الصبي إلى السند حتّى يناظرهم. فقالوا : إنّه لا يؤمّن أن يسألوه عن غير هذا ، فيجب أن توجّه من يفي بالمناظرة في كلّ العلم. قال الرشيد : فمن لهم؟ فوقع اختيارهم على