عليه ، والدعاء إليه ، فانقطع المجبر ، فقال بشر : شنُعتْ فسهُلت » (١).
وقال يوماً للمأمون : « إذا وقف العبد بين يدي الله تعالى يوم القيامة فقال الله تعالى : ما حملك على معصيتي؟ فيقول على مذهب الجبر : يا ربِّ أنت خلقتني كافراً وأمرتني بما لم أقدر عليه ، وحلت بيني وبين ما أمرتني به ونهيتني عمّا قضيته عليّ وحملتني عليه أليس هو بصادق؟ قال : بلى ، قال : فإنّ الله تعالى يقول : ( يوم ينفع الصّادقين صدقهم ) أفينفعه هذا الصّدق؟ فقال بعض الهاشميّين : ومن يدعه يقول هذا أو يحتجّ ( به ). فقال ثمامة : أليس إذا منعه الكلام والحجّة يعلم أنّه قد منعه من إبانة عذره ، وأنّه لو تركه لأبأنّ عذره؟ فانقطع » (٢).
وقد ترجم له الخطيب في تأريخه ، ومن ظريف ما نقل عنه أنّه قال : شهدت رجلاً يوماً من الأيّام وقد قدّم خصماً إلى بعض الولاة فقال : أصلحك الله ناصبيّ رافضيّ جهمىُّ مشبِّه مجبّر قدريّ يشتم الحجّاج بن الزبير الّذي هدم الكعبة على عليّ بن أبي سفيان ويلعن معاوية بن أبي طالب. فقال له الوالي : ما أدري ممّا أتعجّب؟ من علمك بالأنساب أو من معرفتك بالمقالات؟ فقال : أصلحك الله ما خرجت من الكتاب حتّى تعلّمت هذا كلّه » (٣).
وقال الذّهبي : « من كبار المعتزلة ومن رؤوس الضّلالة ، كان له اتّصال بالرّشيد ، ثمّ بالمأمون وكان ذا نوادر وملح » (٤).
ومن أراد الوقوف على نوادره فعليه الرجوع إلى « المنية والأمل » و « فضل الاعتزال » وقد اتّفقا على أنّ وجه اتّصاله بالخلفاء صار سبباً لوجود بعض الهزل في كلامه وقد اتّخذه طريقاً إلى ميلهم إليه ليتوصّل به إلى المعونة في الدين.
__________________
١ ـ أمالي المرتضى : ج ١، ص ١٨٦. فضل الاعتزال : ص ٢٧٣ وفي المصدر الأخير : « سهّلت بعد ما صعبت ».
٢ ـ فضل الاعتزال : ص ٢٧٣. المنية والأمل : ص ٣٥ و٣٦.
٣ ـ تاريخ بغداد : ج ٧، ص ١٤٦.
٤ ـ ميزان الاعتدال : ج ١، ص ٣٧١.