للسمتين الأخيرتين.
٢ ـ إنّ منهج الماتريدي أبعد من التّشبيه والتّجسيم من الأشعري ، وأقرب إلى التّنزيه.
٣ ـ إنّه وإن كان يحمل حملة عنيفة على المعتزلة ، ولكنّه إلى منهجهم أقرب من الإمام الأشعري.
وتظهر حقيقة هذا الأمر إذا عرض مذهبه في مختلف المسائل ، ولمعرفة جملة من مواضع الاختلاف ودراسة نقاط القوّة والضّعف ، نذكر موارد عشرة ونترك الباقي روماً للإختصار.
١ ـ استيلاؤه على العرش :
اتّفق الداعيان على أنّه يجب الإيمان بما جاء في القرآن من الصِّفات للّه تبارك وتعالى ، ومنها استيلاؤه على العرش، والأشعري يفسّره على نحو الإثبات ويؤمن بظاهره بلا تفويض ولا تأويل ، وأنّ الله حقيقةً مستو على العرش لكن استيلاءً مناسباً له ، ويقول : « إنّ الله مستو على العرش الّذي فوق السّماوات » ولأجل دفع توهّم التجسيم يقول : « يستوي على عرشه كما قال ، يليق به من غير طول الإستقرار » ويستشهد بما روي عن رسول الله : إذا بقي ثلث الليل ينزل اللّه تبارك وتعالى ، فيقول : من ذا الّذي يدعوني فأستجيب له (١).
وعلى ضوء هذا فالأشعري ممّن يثبت الصفات الخبريّة للّه بلا تفويض معناها إليه ، غاية الأمر يتدرّع بلفظة « على نحو يليق به » أو « بلا كيف » كما في الموارد الاُخر ، ولكنّ الماتريدي مع توصيفه سبحانه بالصفات الخبريّة ، يفوِّض مفاد الآية إليه سبحانه ، فهو يفارق الأشعري في التّفويض وعدمه ، ويخالف المعتزلة في التّأويل وعدمه ، فالأشعري من المثبتة بلا تفويض وتأويل ، وهو من المثبتة مع التّفويض ، كما أنّ المعتزلة
__________________
١ ـ الابانة : ص ٨٥.