الطبيعية ، بل له هناك هدف سام لا يقف عليه إلاّ العارف بالاُصول الكلاميّة ، وهو أنّ الارادة أو المشيئة حسب طبعها من الأمور الحديثة الجديدة المسبوقة بالعدم فلا تتصوّر مثل هذه الإرادة لله ، أي الارادة الحادثة القائمة بذاته.
وبعبارة واضحة : إنّ حقيقة الارادة تلازم التجدّد والحدوث والتجزي والتقضي ، ومثل ذلك لا يليق بساحته سبحانه. فلأجل ذلك يرى الكعبي تنزيهه سبحانه عن وصمة الحدوث والتجدّد. ومع ذلك لا يسلب عنه ما يعدّ كمالاً للإرادة ، فإنّ الإرادة من الصفات العالية الكماليّة بما أنّها رمز للاختيار ، وآية الحرّيّة ، وهذا غير منفيّ عن الله سبحانه عند البلخي. ويدلّ على ذلك ما نقله ابن شاكر الكتبي في « عيون التواريخ » ما هذا لفظه ، قال : « كان الكعبي تلميذ أبي الحسين الخيّاط وقد وافقه في اعتقاداته جميعاً ، وانفرد عنه بمسائل. منها قوله : إنّ إرادة الرّبّ تعالى ليست قائمة بذاته ، ولا هو يريد إرادته و ( لا ) إرادته حادثة في محل ، بل إذا أطلق عليه : إنّه يريد ، فمعناه أنّه عالم قادر غير مكره في فعله ولا كاره. وإذا قيل : إنّه مريد لأفعاله ، فالمراد أنّه خالق لها على وفق علمه ، وإذا قيل إنّه مريد لأفعال عباده ، فالمراد أنّه راض بما أمر به » (١).
مؤلفّاته
قال ابن حجر في « لسان الميزان » : « عبدالله بن أحمد بن محمود البلخي أبو القاسم الكعبي من كبار المعتزلة وله تصانيف في الطّعن على المحدِّثين تدلّ على كثرة اطّلاعه وتعصّبه » (٢).
غير أنّ أكثر هذه الكتب قد بطش بها الزمان وأضاعها كما أضاع أكثر كتب المعتزلة وقد استقصى فؤاد سيّد في مقدّمته على كتاب « ذكر المعتزلة » لأبي القاسم
__________________
١ ـ باب ذكر المعتزلة من مقالات الاسلاميين ، لأبي القاسم البلخي ، المقدمة ص ٤٤، نقلاً عن عيون التواريخ ج ٧، ص ١٠٦ مخطوطة دار الكتب.
٢ ـ لسان الميزان : ج ٣ ص ٢٥٢.