قال عليهالسلام : « وكمال توحيده الاخلاص له » ، يريد تخليصه سبحانه من الزوائد والثواني حتّى لا يكون خليطاً مع غيره ، ثمّ فرّع على ذلك قوله : « وكمال الاخلاص له نفي الصّفات عنه » يريد نفي الصّفات الّتي وجودها غير وجود الذات لا نفي حقائقها عن ذاته ، فإنّ ذاته بذاته مصداق لجميع النعوت الكماليّة والأوصاف الإلهيّة من دون قيام أمر زائد على ذاته ، فعلمه وقدرته و .... كلُّها موجودة بوجود ذاته الأحديّة مع أنّ مفاهيمها متغايرة.
وقال عليهالسلام : « لشهادة كلِّ صفة أنّها غير الموصوف ... الخ » إشارة إلى برهان نفي الصفات العارضة ، سواء فرضت قديمة كما عليه الكلابيّة والأشاعرة أو حادثة. فإنّ الصفة إذا كانت عارضة كانت مغايرة للموصوف بها.
فعندئذ يترتّب عليه قول : « فمن وصفه فقد قرنه » أي من وصفه بصفة زائدة فقد قرنه بغيره ، فان كان ذلك الغير مستقلاّ ً في الوجود يلزم أن يكون له ثان في الوجود ، وإن كان غير مستقلّ فبما أنّه جزء له فقد جعله مركّباً ذا جزأين وإليه يشير بقوله : « ومن ثنّاه فقد جزّأه » ومن المعلوم أنّ من جزّأه فقد جهله ، ولم يعرفه على ما هو عليه. ومن جهله بهذا المعنى فقد أشار إليه ، ومن أشار إليه فقد حدّه ، لأنّ الاشارة إلى الشيء حسّيّة كانت أو عقليّة تستلزم جعله محدوداً بحدّ خاصّ، ومن حدّه بحد معيّن فقد جعله واحداً بالعدد ـ إلى آخر ما أفاده.
هذا هو توضيح نظريّة أبي الهذيل وهو المختار لدى الإماميّة وعليه خطب الإمام وكلمات أئمّة أهل البيت عليهمالسلام وعندئذ يحين وقت إيضاح النظرية الثانية المنسوبة إلى أبي علي الجبّائي.
توضيح مذهب أبي عليّ الجبّائي
إنّ أبا عليّ الجبّائي يقول : إنّه تعالى يستحقّ هذه الصّفات الأربع الّتي هي كونه قادراً عالماً حيّاً موجوداً لذاته. فهو يهدف إلى نظريّة اُخرى يليق أن يتّهم معها