بالتعطيل.
وقد أوضح الشهرستاني الفرق بين هذه النظرية والنظرية السابقة بقوله : « والفرق بين قول القائل : « عالم بذاته لا بعلم » وبين قول القائل : « عالم بعلم هو ذاته » ، أنّ الأوّل هو نفي الصفة ، والثاني إثبات ذات هو بعينه صفة ، أو إثبات صفة هي بعينها ذات » (١).
ولقد أحسن في التّوضيح وأصاب الغرض. فعلى هذا القول ليست الذات واجدة لواقعيات الصّفات ، غير أنّ ما يترقّب من الذات المتصفة بها ، يترتّب على ذاته سبحانه وإن لم تكن هناك تلك الصفات. مثلاً أثر الذات الموصوفة بالعلم هو إتقان الفعل وهو يترتّب على ذاته سبحانه بلا وجود وصف العلم فيه ، وقد اشتهر عندهم « خذ الغايات واترك المبادئ ».
وصاحب النظريّة توفّق في الجمع بين الأمرين الخطيرين. فمن جانب اتّفقت الشرائع السماويّة على أنّه سبحانه عالم حيّ قادر. ومن جانب آخر واقعية الصفة لا تنفكّ عن القيام بالغير بحيث لو لم تكن قائمة به لما صدق عليه الوصف. فعندئذ يدور الأمر بين الاُمور التالية :
١ ـ نفي كونه عالماً قادراً حيّاً .... وهذا يكذّبه اتّفاق الشرائع السماوية ووجود آثار الصفات في أفعاله من الإتقان والنظم البارزين.
٢ ـ كون صفاته زائدة على ذاته وهو يستلزم المفاسد السابقة من تعدّد القدماء وغيره.
٣ ـ كون صفاته عين ذاته كما عليه شيخ المعتزلة في عصره « أبي الهذيل » وهو لا يتّفق مع واقعيّة الصِّفات ، فإنّ واقعيّتها نفس قيامها بالغير لا صيرورتها نفسه ، فتعيّن القول التالي :
٤ ـ كون ذاته نائبة مناب الصّفات وإن لم تكن هناك واقعيّتها. وممّن اختار هذا
__________________
١ ـ الملل والنحل : ج ١ ص ٥٠.