القول قبل الجبّائي هو عبّاد بن سليمان المعتزلي. قال : « هو عالم ، قادر ، حي ، ولا أثبت له علماً ، ولا قدرة ، ولا حياة ولا أثبت سمعاً ولا أثبت بصراً. وأقول : هو عالم لا بعلم ، وقادر لا بقدرة ، وحىُّ لا بحياة ، وسميع لا بسمع ، وكذلك سائر ما يسمّى به من الأسماء الّتي يسمّى بها » (١).
تقييم نظريّة النيابة
إنّ هذه النظريّة من الوهن بمكان ، فإنّ أبا عليّ لو تأمّل في واقعيّة الصفات الكماليّة لما أصرّ على أنّ واقعيّتها في جميع المجالات والمراحل ، واقعية القيام بالغير. وإنّما هي واقعيتها في بعض المراتب كعلم الإنسان وقدرته وحياته ، وليس في جميع المراتب كذلك. وذلك لأنّ الكمالات ترجع إلى الوجود ، وله شؤون وعرض عريض. فكما أنّ منه وجوداً رابطاً ورابطيّاً وجوهراً ، فكذا العلم. فمنه عرض قائم بالغير ، ومنه جوهر قائم في نفسه كعلم الإنسان المدرك بذاته ، ومنه ممكن ومنه واجب ، وهكذا سائر الصفِّات. وعلى ذلك فالاصرار على واقعيّة واحدة تجمع شتات العلم ، إصرار في غير محلِّه. فإنّ للعلم وكلّ كمال مثله ، إطارات وقوالب ومظاهر ومجالات تختلف حسب اختلاف المراتب.
إذا وقفت على مذهب الوالد ( أبي عليّ ) فهلمّ معي ندرس مذهب الولد في باب حمل الصفِّات الذاتية عليه سبحانه.
مذهب أبي هاشم
إنّ لأبي هاشم في كيفيّة استحقاق الصفِّات مذهباً خاصّاً عبّر عنه القاضي بقوله : « وعند أبي هاشم يستحقّها لما هو عليه في ذاته » وعبّر عن نظرية أبيه بقوله : « إنّه
__________________
١ ـ مقالات الاسلاميين : ج ١، ص ٢٢٥. نعم نقل القاضي في شرح الاُصول الخمسة ص ١٨٣ رأياً آخر لسليمان بن جرير وهو غير عباد بن سليمان فلا يختلط عليك الأمر.