يستحقّها القديم تعالى لذاته » (١).
وقد حاول البغدادي تبيين الفرق بقوله : « إنّ أبا عليّ جعل نفس الباري علّة لكونه عالماً وقادراً ، وخالف أبو هاشم أباه وزعم أنّ الله عالم لكونه على حال ، قادر لكونه على حال وزعم أنّ له في كلِّ معلوم حالاً مخصوصاً ، وفي كلِّ مقدور حالاً مخصوصاً. وزعم أنّ الأحوال لا موجودة ولا معدومة ولا معلومة ولا أشياء » (٢).
وأوضحه الشهرستاني بقوله : « قال الجبّائي : عالم لذاته ، قادر حيّ لذاته ، ومعنى قوله : « لذاته » أي لا يقتضي كونه عالماً ، صفة هي علم أو حال توجب كونه عالماً ، وعند أبي هاشم : « هو عالم لذاته » بمعنى أنّه ذو حالة هي صفة معلومة وراء كونه ذاتاً موجوداً ، وإنّما تعلم الصِّفة على الذات ، لا بانفرادها. فأثبت أحوالاً هي صفات لا موجودة ولا معدومة ولا معلومة ولا مجهولة ، أي هي على حيالها لا تعرف كذلك بل مع الذّات » (٣).
وأنت تعلم أنّ هذه المحاولات تزيد في الغموض ، وقد أصبحت نظريّته لغزاً من الألغاز لم يقف عليه أحد. قال الشريف المرتضى : « سمعت الشيخ المفيد يقول : ثلاثة أشياء لا تعقل وقد اجتهد المتكلّمون في تحصيل معانيها من معتقديها بكلِّ حيلة ، فلم يظفروا منهم إلاّ بعبارات يناقض المعنى فيها مفهوم الكلام : اتّحاد النّصرانية ( التثليت مع ادّعاء الوحدة ) ، وكسب النّجارية وأحوال البهشميّة » (٤).
ممّا يقال ولا حقيقة عنده |
|
معقولة تدنو إلى الأفهام |
الكسب عند الأشعري والحال |
|
عند البهشمي وطفرة النظام (٥) |
__________________
١ ـ شرح الاُصول الخمسة : ص ١٢٩.
٢ ـ اُصول الدين للبغدادي : ص ٩٢.
٣ ـ الملل والنحل : ج ١، ص ٨٢.
٤ ـ الفصول المختارة : ص ١٢٨.
٥ ـ القضاء والقدر ، لعبد الكريم الخطيب : ص ١٨٥.