يكذّبه النقل.
ثمّ إنّ للباحثين من المتكلِّمين وأهل الحديث في المقام طرقاً نشير إليها :
الأوّل : الإثبات مع التّشبيه والتّكييف.
الثّاني : الإثبات بلا تشبيه ولا تكييف.
الثالث : التفويض.
الرابع : التّأويل.
وقد بحثنا عن الوجوه الثّلاثة الاُول في الجزء الثاني ، وهي خيرة أهل الحديث والأشاعرة. والأمر الرابع هو خيرة المعتزلة. ولأجل ذلك يسمّون المؤوّلة ، فيؤوّلون الآيات المشتملة على اليد والوجه والاستيلاء وغير ذلك ، ولنا هنا كلمة موجزة وهي :
إنّ التأويل على قسمين : قسم يرفضه الكتاب ولا يرضى به العقل وهو تأويل النصوص القرآنيّة والأحاديث المتواترة بحجّة أنّها تخالف العقل الصّريح فقط ، وهذا رأي عازب ، بل فكرة خاطئة. فإنّ ظواهر الكتاب والنصوص الصحيحة لا يمكن أن تكون مخالفة للعقل.
ولقد كذب من قال من المؤوّلة : إنّ الأخذ بظواهر الكتاب والسنّة من اُصول الكفر أو إنّ التمسّك في اُصول العقائد بمجّرد ظواهر الكتاب والسنّة من غير بصيرة في العقل هو أصل ضلالة الحشوية (١).
فإنّ هؤلاء لم يعرفوا موقف الكتاب والسنّة الصحيحة ، فإنّ من الممتنع أن يشتمل الكتاب الهادي على ما يضادّ العقل الصحيح. وهو القائل ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ القُرآنَ أَمْ عَلَى قُلُوب أَقْفَالُهَا ) ( محمد / ٢٤ ).
وقسم يراد منه تمييز الظاهر التصديقي عن الظاهر الحرفي ، وتمييز الظاهر البدوي عن الظاهر الاستمراري ( ما يستقرّ في الذهن بعد التدبّر ) ومثل هذا لا يتحقّق إلاّ
__________________
١ ـ علاقة الاثبات والتفويض : ص ٦٧، نقلاً عن الصاوي على تفسير الجلالين ج ٣، ص ١٠ وغيره.