المراد هو الظهور التصديقي ، وأنّ الاستواء بمعنى التمكّن والاستيلاء التام ، لا الجلوس ولا الاستقرار بعد التزلزل ، كما أنّ المراد من العرش، عرش التدبير وعرش الملك لا الّذي يجلس عليه الملوك. وليس هذا شيئاً غير موجود في الأدب العربي بل هو مملوء من هذه المعاني.
أمّا الاستواء بمعنى الاستيلاء فقد قال الأخطل يمدح بشراً أخا عبدالملك بن مروان حين ولى إمرة العراقين :
قد استوى بشر على العراق |
|
من غير سيف ودم مهراق |
فالحمد للمهيمن الخلاّق
فليس المراد من الاستواء الجلوس أو الاستقرار ، بل التمكّن والاستيلاء التام والسيطرة على العراقين وكسح كلِّ مزاحم ومخالف.
وقال الطرمّاح بن حكيم :
طال على رسم مهدد أبده |
|
وعفى واستوى به بلده |
والمراد استقام له الأمر واستتبّ.
وقال آخر :
فلمّا علونا واستوينا عليهم |
|
تركناهم صرعى لنسر وكاسر |
هذا حول الاستواء. وأمّا العرش، فالمتبادر منه تصوّراً هو السرير يجلس عليه الملوك ، ويدبّرون منه ملكهم ويصدرون الأوامر والنواهي. غير أنّه هناك كناية عن الملك والسّلطة. يقال : ثلّ عرش بني فلان ، إذا زال ملكهم. يقول الشاعر :
إذا ما بنو مروان ثلّت عروشهم |
|
وأودت كما أودت أياد وحمير |
فليس المراد تهدّم العروش الّتي كانوا يجلسون عليها ، بل كناية عن زوال الملك والسيطرة وانقطاع سلطتهم. والدقة في الآيات الّتي ورد فيها استيلاؤه سبحانه على العرش يثبت بوضوح أنّ المراد من الآية هو السيطرة والتمكّن على صحيفة الكون