معاً.
٩ ـ يظهر من المفيد أنّ المراد من التّفويض الوارد في الروايات غير ما هو المصطلح بيننا حيث قال : « الجبر هو الحمل على الفعل والاضطرار إليه بالقهر والغلبة. وحقيقة ذلك إيجاد الفعل في الخلق من غير أن يكون له قدرة على دفعه ، والامتناع من وجوده فيه .... والتّفويض هو القول برفع الحظر عن الخلق في الأفعال ، والاباحة لهم مع ما شاءوا من الأعمال. وهذا قول الزّنادقة وأصحاب الاباحات. والواسطة بين هذين القولين أنّ الله أقدر الخلق على أفعالهم ، ومكّنهم من أعمالهم ، وحدّ لهم الحدود في ذلك ... إلى آخر ما أفاده » (١).
١٠ ـ هل يصحّ إطلاق « الخلق » في مورد فعل الإنسان ، أو يختصّ « الخلق » بفعل الله سبحانه؟
لا شكّ أنّ الله سبحانه هو الخالق ، وأنّه خلق السّموات والأرض بجواهرها وأعراضها. إنّما الكلام في أنّه هل يصحُّ استعمال كلمة الخلق في مورد فعل الإنسان ، فإذا قام أو قعد يصحّ لنا أن نقول : « خلق القيام والقعود » أو إذا أكل وشرب هل يصحّ لنا أن نقول : « خلق الأكل والشرب » أو لا يجوز ذلك إلاّ في مورد يكون هناك عناية في استعمال هذه اللّفظة.
والرائج في مصطلح القرآن هو التّعبير بالكسب والفعل. قال سبحانه : ( لها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ) ( البقرة / ٢٨٦ ).
وقال تعالى : ( كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) ( النمل / ٣٣ ).
وقال سبحانه : ( لمَ تَقُولُونَ مَالا تَفْعَلُونَ ) ( الصف / ٢ ).
فالتّعبير الرائج عن أفعال الإنسان بصورة عامّة هو الكسب والفعل ، وبصورة خاصّة هو الأفعال المخصوصة من الأكل والشرب.
__________________
١ ـ شرح عقائد الصدوق ، ص ١٤ ـ ١٥.