التامّ وهو خلف الفرض ، وهذا كما إذا اشترك رجلان في رفع الصّخرة ، مع قدرة كلِّ منهما على الرّفع وحده. فعند ذاك لا يعدّ كل منهما علّة تامّة في مقام الرفع.
وإمّا أن ينسب إلى واحدة منهما دون الاُخرى ، وهذا هو المطلوب.
وإمّا أن لا ينسب إلى واحدة منهما ، فكيف خرج عن كتم العدم ، مع أنّ حاجة الحادث إلى العلّة أمر واضح.
وأمّا اجتماع قدرتين عرضيّتين لكن ناقصتين على مقدور واحد ، فلا يترتّب عليه محذور أبداً.
واللائق بالبحث غير هاتين الصورتين ، فإنّ قدرة الله سبحانه وقدرة العبد ليستا في عرض واحد ، بل الثانية في طول الاُخرى ، فهو الّذي خلق العبد ، وحباه القدرة ، وأقدره على الايجاد وهو في كلِّ آن وحين يستمدُّ من مواهب ربّه. فالعبد وكلّ ما في الكون من علل وأسباب ، جنوده وقواه ، بين فاعل بالاختيار ، ومؤثّر بالاضطرار. فللفعل صلة بقدرة العبد ، كما أنّ له صلة بالله سبحانه وقدرته. وبوجه بعيد كالرؤية والسّماع ، فهما فعلان للأجهزة الظاهريّة من العين والسمع ، وفي الوقت نفسه فعلان للنفس القاهرة على قواه الباطنيّة والظاهريّة. فاجتماع قدرتين مثل هاتين لا يستلزم شيئاً من الاشكالات.
إنّ المعتزلة لم تجد في حلِّ مشكلة فعل الإنسان إلاّ سلوك أحد الطّريقين وزعمت أنّه لا طريق غيرهما ينتهي أحدهما إلى الجبر ، والآخرى إلى التفويض.
١ ـ صلة الفعل بالله سبحانه وانقطاعه عن العبد ، فعند ذاك يقال : فعلام يحاسَب العبد ويعاقب؟
٢ ـ نسبة الفعل إلى العبد وانقطاعه عن بارئه ، فيسأل : هل هناك أفعال تجاوز قدرة الله وهل يصدر في ملكه ما لا يريد؟
فالأشاعرة استسهلوا الاشكال الأوّل ونسبوا الفعل إلى الله سبحانه وصوّروا العبد محلاً لارادته وقدرته سبحانه ، من دون أن يقميوا لإرادة العبد وقدرته وزناً وقيمة.