قديمة ، ادّعى أنّ عيسى قديم » (١).
وبعد ذلك لا يعبأ بما قاله مؤلّف كتاب « المعتزلة » من أنّ القول بخلق القرآن جاء من اليهود ، وأنّ أوّل من نشرها منهم لبيد بن الأعصم عدوّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم اللّدود الّذي كان يقول بخلق القرآن ، ثمّ أخذ ابن اُخته طالوت هذه المقالة عنه ، وصنّف في خلق القرآن (٢).
هذا ، وإنّ المشهور بين اليهود هو قدم التّوراة (٣).
وعلى كلِّ تقدير ، فالمسألة مستوردة وليست نابتة من صميم الدّين واُصوله. وقد طرحت في أواخر القرن الثّاني في عصر المأمون ، وامتدّت إلى عصر المتوكّل ومن بعده الّذين يضغطون على المعتزلة وينكِّلون بهم.
إنّ تأريخ البحث يعرب عن أمرين :
أ ـ إنّ المسألة طرحت في جوّ غير هادئ ومشحون بالعداء ، ولم يكن البحث لكشف الحقيقة وابتداعها ، بل كلُّ يصرّ على إثبات مدّعاه.
ب ـ لم يكن موضوع البحث منقّحاً حتّى يتوارد عليه النّفي والاثبات ، وأنّهم لماذا يفرّون من القول بحدوث القرآن ولماذا يكفّرون القائل به. أهم يريدون من قدم القرآن ، قدم الآيات الّتي يتلوها القارئ، أو النّبي الأكرم ، أو أمين الوحي. أم يريدون قدم معانيه والمفاهيم الواردة فيه. أو يريدون قدم علمه ، سبحانه إلى غير ذلك من الاحتمالات الّتي لم يركّز البحث على واحد منها.
يقول القاضي : « ذهبت الحشويّة من الحنابلة إلى أنّ هذا القرآن المتلوّ في المحاريب والمكتوب في المصاحف ، غير مخلوق ولا محدث ، بل قديم مع الله تعالى ».
وقال ابن قتيبة : « اتّفقوا على أنّ القرآن كلام الله غير مخلوق وإنّما اختلفوا في
__________________
١ ـ تاريخ المذاهب الاسلاميّة : ج ٢، ص ٣٩٤.
٢ ـ المعتزلة : ص ٢٢، زهدي حسن جار الله.
٣ ـ اليهودية : ص ٢٢٢، تأليف أحمد شلبي ، كما في بحوث مع أهل السنة والسلفية ص ١٥٣.